Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ظاهرة الشاعر النجم

هناك قلة قليلة جدا من الكتاب الحقيقيين الذين يتمتعون بالنجومية .

A A

هناك قلة قليلة جدا من الكتاب الحقيقيين الذين يتمتعون بالنجومية .بالتأكيد هناك كتاب لديهم جماهيرية واسعة ، وهم في كل حال أقلية ، لكن الكتاب النجوم الذين يتميزون بقدرات إبداعية حقيقية وخاصة جدا ، هم ظواهر لا تتكرر إلا نادرا .هذه النوعية من الكتاب ، هم في الغالب شعراء وليسوا كتابا عاديين . وهذا ما يفسر نجومية هؤلاء إلى حد كبير . فالشعر فن له خصائص مختلفة عن خصائص الكتابة العادية ، وأهم هذه الخصائص التي ينفرد بها الشعر ، هي توجهه المباشر للشعور أو الوجدان . صحيح أن الشعر يتضمن رؤى فكرية قد تسبق زمنها بكثير ، وصحيح أن الشعر يختلط في كثير من الأحيان بالحكمة والفلسفة ، وصحيح أن الشاعر الحقيقي يبشر بقيم فكرية وأنساق ثقافية تتميز بالتجديد والنزعة الثورية ، وصحيح أن الشعر يمتلك القدرة على الغوص في مجاهل النفس البشرية بشكل مذهل في دقته .. لكن الشعر يبقى رغم كل ذلك ، نشاطا إبداعيا موجها إلى الشعور . وإذا ما فشل الشعر في إحداث التأثير المباشر في شعور القراء ، فإنه يفقد جزءا كبيرا من قيمته .الأخطر من ذلك أن الشعر وإن كان يتوجه إلى الشعور بغرض تحريضه على تذوق القيم الجمالية ، واستنفاره للدفاع عن القيم المطلقة ، واستفزازه للذود عن كل ما هو حق وعدل ، فإنه يتسلل أيضا إلى اللاشعور ويستقر داخله ويحجز لنفسه حيزا ضخما من مساحته . وهذه الخاصية هي التي تجعل من الشعر ملهما للأفراد والشعوب في اللحظات الفاصلة من تاريخها . ولعل هذا ما يفسر ما شاهدناه وسمعناه أثناء الثورة التونسية ، حيث ردد المتظاهرون أبيات أبي القاسم الشابي عن الحرية ، أكثر من ترديدهم أي شعار آخر أثناء تظاهراتهم . المعيار الأول لتحديد مصداقية الشعر ، هو ابتعاده عن المباشرة . أي تحرير ملكة الخيال وإطلاقها وإخراجها نهائيا من لعبة الوجود البشري المشروط بالقوانين الصارمة . وإذا ما استطاع الشاعر أن يفعل كل ذلك من خلال الأسلوب المعروف بالسهل الممتنع ، فإنه يمكن أن يحلق في فضاء النجومية تماما كما كان الحال مع العبقري الراحل نزار قباني .الشاعر يمكن أن يكون نجما ، أما الكاتب فلا .انس زاهدanaszahid@hotmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store