Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

سيول الفساد بالجامعة

A A
بعد كارثة سيول جدة، التي وقعت قبل 13 سنة وتحديداً بنوفمبر 2009، وكارثة السيول الثانية التي وقعت في يناير2011م ، لم يمر على عروس البحر الأحمر كارثة أسوأ من (سيول الفساد بالجامعة)، التي حدثت في أكتوبر الجاري 2022م!!

لقد استيقظت جدة على خبر هذه الفاجعة المدوية، التي جرفت بفعل غزارة سوء استغلال النفوذ الوظيفي لمصالح شخصية آلاف المرشحين، وأغرقت بفعل سوء البنية التحتية للأمانة الوظيفية عشرات المناقصات للمنافسين، في الوقت الذي اعتُبِرت فيه 500 مليون ريال مختلسة بعِداد المفقودين، علاوة على الخسائر المعنوية والأدبية لارتكاب جريمة الفساد المنظمة ممن ظنناهم من أوائل المحاربين!!

قياساً بإطلاق أسماء التابعين والشهداء والعلماء والأدباء على الشوارع والميادين تكريماً لهم واحياءً لذكراهم، بودي بالمقابل لو يتم إطلاق أسماء الفاسدين المدانين بتهم الفساد بالجامعة، على أبواب وفصول مراجع وكتب محاربة الفساد، تشهيراً بهم وامعاناً في تنبيه الأجيال القادمة بفداحة فعلهم ودناءة جرمهم!!

قياساً بما تقتضيه روح العدالة والظروف المخففة أحياناً (مع وقف التنفيذ) أو تقليص الحكم الصادر بحق الفقير الجاهل الذي دفعته ظروفه المعيشية الصعبة للسرقة من أجل سد احتياج عائلته واطعام أفواه صغاره، بودي بالمقابل لو تقتضي مرحلة الحزم التي ننعم بها والظروف المشددة تغليظ العقوبة بحق من دفعتهم أطماعهم لخيانة الأمانة والاختلاس وتلطيخ سمعة الجامعة العريقة، مع أنه لا ينقصهم لا مال ولا منصب ولا جاه.

قياساً بالحملات الممنهجة التي شنها إعلاميون محابون ضد مجموعة من المغردين الوطنيين كانوا قد أثاروا الشكوك حول ممارسات بعض مسؤولي الجامعة، بودي بالمقابل بعد ثبوت تلك الممارسات لو يتم محاسبة أولئك الإعلاميين لتغطيتهم غير المهنية والتي اعتمدت التطبيل والتلميع مما أسهم في تحسين صورة مسؤولي الجامعة حتى اطمأنوا وأتموا جريمتهم!!

قياساً بتعويض من أزهقت سيول جدة الجارفة أرواحاً غالية عليهم، أو جرفت مركباتهم، أو هدمت بيوتهم، أو أغرقت متاجرهم، بودي بالمقابل لو يتم فرض تعويضات مجزية على الفاسدين لصالح من تبخرت أحلامهم الوظيفية أو تبددت مشاريعهم التجارية أو استغلت معاملاتهم الرسمية، خاصة مع توافر أركان المسؤولية التقصيرية: الخطأ، الضرر، العلاقة السببية. بودي لو يصدر مدير الجامعة الجديد بياناً صحفياً يستنكر فيه جرائم الفساد ويؤكد بأنها ممارسات فردية شاذة، وأن شعار الجامعة المكون من سفينة وريشة ومحبرة ومنارة سيظل خير منقذ وخير عنوان وشهادة للرقي والمعرفة والحضارة.

بودي لو يتم تسمية قضية المتورطين ومطالب تعويض المتضررين بهذه الكارثة بـ(محاكمة سيول الفساد بالجامعة)!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store