Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

فضـــــائيــات

A A
من أهم أخبار هذا الشهر، هو قرار تكوين المجلس الأعلى السعودي للفضاء برئاسة سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.. وهذه خطوة مباركة تؤكد على أن مجال الفضاء ليس ترفا تكميليا، وإنما هو من المكونات الرئيسة للتنمية، فمهام المجلس تشمل: اعتماد السياسات والإستراتيجيات لبرامج الفضاء السعودية، والموافقة على الخطط السنوية، ومراقبة تنفيذ الإستراتيجية، وتحقيق التوافق مع مختلف الاحتياجات والقطاعات الوطنية، ومن المؤكد أن هذا المجلس لديه رؤية مقننة وخارطة طريق واضحة، وأود أن أذكر بعض الأمنيات الخاصة التي طالما تمنيت أن تدرس على أعلى المستويات، وأختصرها في التالي:

أولا: أتمنى أن تشمل خارطة طريق المجلس دراسة موضوع «عسكرة الفضاء» بجوانبها المختلفة، والمقصود هنا هو استخدام مجال الفضاء للدفاع. ومن يتابع تاريخ الفضاء؛ سيجد أنه لم يبدأ في أكتوبر 1957 - كما تزعم معظم المصادر - بإطلاق القمر الصناعي «سبوتنك» إلى الفضاء الخارجي في مداره حول الأرض.. بل بدأ هذا الغزو الفضائي فعليا خلال الحرب العالمية الثانية بإطلاق صواريخ الانتقام الشهيرة باسم «في 2» Vergeltungswaffe V2 من منطقة «بينا موندا» في شمال ألمانيا؛ باتجاه لندن وبلجيكا بنهاية عام 1944م.. وللعلم فتعريف الفضاء الخارجي يحده ارتفاع مائة كيلومتر عن سطح البحر.. ومعظم المركبات التي وصلت وتخطت ذلك الارتفاع؛ كان لها جوانبها العسكرية بشكل أو بآخر.. سواء كانت للتصوير، أو الاتصالات، أو غيرها من المهام العسكرية، وهذا هو المقصود بمفهوم «العسكرة».. وفي بعض الأحيان تخطى ذلك ليصل إلى مفهوم «التسليح»، ويشمل الضرب بالليزر، أو استخدام المتفجرات التقليدية أو الرؤوس النووية. وفي بعض الأحيان تم التحول من استخدام إلى آخر؛ مثل ما يجري الآن خلال الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تم تطويع بعض الأقمار الصناعية التجارية إلى القيام بمهام عسكرية؛ مثل الاستخبارات، والمراقبة، والتصويب، والتنصت.. وللعلم فأول حرب فضائية رسمية كانت حرب تحرير الكويت عام 1991، حيث استخدمت الأقمار الصناعية بفعالية عالية في مختلف العمليات العسكرية.

ثانيا: أتمنى أن تتم مناقشة مبادرات معالجة «الكراكيب الفضائية».. والمقصود هنا؛ أن بيئة الفضاء الخارجي أصبحت أشبه بمردم نفايات.. إجمالي عدد المركبات التي أطلقت إلى الفضاء الخارجي هي حوالى 13630، ولا تزال 8850 منها سابحة في مدارات مختلفة.. وعدد مخلفات المركبات في الفضاء التي يفوق حجمها حجم الرمانة؛ حوالى 36500 قطعة.. وعدد القطع الأصغر حجما من حبة الأرز تقدر بحوالى 130 مليون قطعة.. ويقدر إجمالي وزن المخلفات بحوالى عشرة آلاف طن كلها تحوم فوق رؤوسنا.

طبعا معظم مصادر هذه القمائم الفضائية سوفيتية، وروسية، وأمريكية، وصينية، وهناك حاجة لمواجهة تحدي معالجة تراكمها، وخصوصا أن دخول عالم استخدام بيئة الفضاء الخارجي للغايات المختلفة؛ أصبحت في متناول العديد من الدول.. وللعلم، فالقانون الدولي المعني بالاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي يعاني من هشاشة، فقد كُتِبَ منذ فترة طويلة، وهو يحتاج إلى التحديث الجاد في جوانبه المختلفة.

ثالثا: قواعد إطلاق المركبات الفضائية تتمتع بمزايا جغرافية، من أهمها قربها من خط الاستواء.. علما بأن الصواريخ لا تطلق إلى الأعلى فحسب، ولكنها تطلق إلى الأعلى والشرق، لتستفيد من حركة دوران الكرة الأرضية لكسب سرعة إضافية.. باستثناء صواريخ الكيان الصهيوني التي تطلق إلى الأعلى والغرب لاعتبارات سياسية.. والقرب من خط الاستواء هي ميزة نسبية موجودة في المملكة، وهي ضرورية، ولكنها ليست كافية بمفردها، فأتمنى أن تتم دراسة إنشاء قاعدة إطلاق مركبات فضائية من الطراز الأول على أرض الوطن، آخذة في الاعتبار العوامل الأخرى الضروري توفرها.

* أمنيــــــة:

المقال يحتوى على ثلاث أمنيات متعلقة بعسكرة الفضاء، وإدارة كراكيب بيئته، ودراسة بناء قاعدة سعودية للفضاء، ولكن الأمنية الأهم من كل هذا هي: أن يُوفَّق المجلس السعودي الأعلى للمزيد من الإنجازات على الأرض وفي السماء بمشيئة الله تعالي، وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store