Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

القرآنيون والتنويريون ماذا يريدون؟!

A A
إن من عظم الدين الإسلامي أن جعل له مرجعين أساسيين من يزغْ عنهما يهلّكْ ويضلْ السبيل هما كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى مدار أكثر من أربعة عشر قرنًا تخرج عليه فئات بثوب الإدعاء والدعوة إلى التصحيح والتجديد بعيدًا عن السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وينتهي بها الأمر إلى السقوط ويبقى الإسلام الذي يعنى بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح كما هو لم يمسسه التغير أو التبديل.
وفي هذه الأيام هناك صوتان أحدهما ينادي بالأخذ بالقرآن والبقاء عليه دون السنة النبوية، وصوت آخر يدعي التجديد والتنوير من خلال القرآن والسنة مع نسف إرث السلف الصالح، أما الأولى فبائن عوارها ومرفوضة من عنوانها وإن كان انطلى على بعض صغار السن من أبناء الأمة الإسلامية خداعها وهي في حقيقتها دعوة ليست بجديدة بل قديمة يتجدد طلبها كلما وجدت فئة ضالة تتعمد ضرب الإسلام بمنهجية القرآن الكريم فقط، والآخر دعوة التنويريين والمناداة بالتنوير من خلال إسقاط وإهمال الإرث الديني الذي صنعه سلف هذه الأمة وإهمال معطياته والطعن في مدارسه وأساتذة قيادته مثل الإمام البخاري ومسلم ومالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير والاعتماد على ما يشبه وضع القرآنيين ما عدا أنهم هم من سيصنع كل شيء بعد ذلك، وقد سأل أحد مذيعي القنوات عند لقائه بأحد التنويريين كيف نأخذ الفقه إذا أهملنا علماء الأمة من السلف؟ فأجاب نكون مجموعة برئاسته ويصنعون فقهًا جديدًا.. فرد عليه المذيع: طيب هناك من سيخرج عليكم كما خرجتم أنتم على العلماء السابقين ولا يثقون بما تتوصلون إليه فتلعثم الذي خرج على العلماء من سلف هذه الأمة وقال: خلاص لا يأخذ به ويكونون مجموعة جديدة تبحث عن الذي توصلنا نحن إليه، فاتضح أن الأمر ليس إلا بحثًا عن الشهرة. إن بعض التخريفات والأفكار تعد سببًا في انزلاق بعض أدعياء التنوير في ظلمات وبُعد عن الطريق المستقيم حتى ولو صدقت النية عند بعضهم يظل المطلوب تطبيق منهجية صحيحة لتجديد الفقه وفتح باب الاجتهاد بعيدًا عن اتهام علماء الأمة الإسلامية السابقين والحاليين بأنهم فرضوا علمًا وفقهًا على الأمة الإسلامية من عند أنفسهم. إن مراجعة ومواكبة كل ما يتعلق بالدين الإسلامي خاصة أحكامه الفقهية أو أحاديثه النبوية إنما يجب أن يتم من خلال مؤسسات علمية متخصصة على مستوى العالم الإسلامي مثل مجمع الفقه الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي أو مجمع الفقه الإسلامي في منظمة التعاون الإسلامي وهو أمر معمول به في مناقشة كل القضايا الجديدة والطارئة، أما ما يخص الأحاديث النبوية فخير من يعالج ذلك هم أهل الاختصاص في مجال السنة النبوية والأحاديث النبوية لأنه علم فيه تفريعات تخصصية كثيرة والله سبحانه وتعالى يقول (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) فكما لا يفتي في الطب إلا طبيب كذلك لا يتكلم في صحة الأحاديث وضعفها إلا متخصص في علم الحديث، وكذا كيفية التعامل معها إن هي قطعية الثبوت أو ظنية أو دلالتها قطعية أو ظنية مع المعرفة التامة لناسخها من منسوخها والطرق الصحيحة للتقريب بين أقوال العلماء فيها وهكذا فإن التطوير والتجديد مطلب لكن يجب أن يكون وفق منهج علمي مدروس.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store