Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

فكـفكة

A A
المقصود هنا، هو حل الأشياء إلى أجزاء مختلفة.. ومَن يُتابع أخبار هذا الأسبوع؛ سيجد أن خبر العودة إلى القمر يستحق وقفة تأمُّل.. آخر رحلة رواد فضاء إلى القمر كانت قبل نصف قرن عبر مركبة أبولو 17 الأمريكية. والآن دشنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» برنامج «أرتيموس» ويشمل الأهداف التالية: الاستكشاف العلمي، والمنافع الاقتصادية، والإلهام للأجيال الجديدة من المستكشفين.. ويتم ذلك من خلال مجموعة من الرحلات بدأت برحلة «أرتيموس 1» التجريبية خلال هذا الأسبوع.. وهي رحلة تجريبية بدون رواد استعداداً للرحلات القادمة التي ستحمل أربعة رواد، والتي ستبدأ بعد سنتين بمشيئة الله. وللعلم ففي رحلات أبولو التي بدأت في عام 1961 تم إطلاق ثلاث رحلات بدون رواد فضاء وهي رحلات: أبولو 4 في نوفمبر 1967، ثم أبولو 5 في يناير 1968، ثم أبولو 6 في أبريل 1968.. وكلها كانت للتأكد من سلامة الأنظمة المختلفة قبل إطلاق الرواد على الرحلات الأخرى.. وهي أبولو 7 و8 و9 و10 للتجارب.. ثم رحلة أبولو 11 التي هبطت بإرادة الله على سطح القمر في يوليو 1969.. وتبعتها رحلات أبولو 12 و13 و14 و15 و16 و17.. يعني قبل نصف قرن كانت هناك ثلاث رحلات تجريبية قبل إرسال الرواد فيما بعد ذلك.. طيب وما علاقة كل هذا بالفكفكة.. المركبات المعنية برحلات الفضاء تحتوي على ملايين القطع من مختلف الأحجام، ولا نستغرب أن يتم تجميعها في مصانع مختلفة، ولكن الغريب أن يتم التخلص من معظم مكونات المركبة خلال رحلتها، وعلى سبيل المثال: طول الصاروخ عند الإطلاق يعادل حوالى ثلاثة أرباع ارتفاع عمارة المبنى الرئيس لمبنى البنك الأهلي في جدة التاريخية، ولكن الجزء الذي يعود في نهاية الرحلة؛ يعادل تقريباً ضعف حجم السيارة «اللاند كروزر».. والوزن عند الإقلاع في بداية الرحلة يبلغ حوالى مليونين وستمائة ألف كيلوجرام، وأما عند الهبوط في نهايتها؛ فيعادل تقريباً عشرة آلاف كيلوجرام.. يعني تفقد المركبة أكثر من 99% من وزنها خلال الرحلة.. وبالإضافة إلى ذلك، فيتم التخلص من مكونات المركبة الضخمة: الصاروخان الداعمان بعد دقيقتين من الانطلاق، وصاروخ الهروب الاحتياطي بعد حوالى ثلاث دقائق، والمحركات الأربعة الرئيسة وخزان الوقود الرئيس بعد حوالى ثمان دقائق، ووحدة الخدمة الأساسية بنهاية الرحلة، ووحدة الهبوط على سطح القمر عند الانطلاق من سطح القمر.. طيب وماذا يتبقى بعد كل هذه الفكفكة.. في نهاية المطاف تعود المركبة الصغيرة الحاملة للأربعة رواد. وبعد كل هذه المعلومات الغريبة؛ أود أن أذكر أيضاً بأن هناك نجمتين باهرتين لهذا البرنامج الفضائي العملاق غير المسبوق: الأولى حقيقية وهي الأستاذة نجود بنت فهيم مرسني، وتعمل كمهندسة تمثل صوت وكالة الفضاء الأمريكية الفني والإعلامي، وهي أمريكية من أصول فلسطينية.. وأما الشخصية الثانية فهي وهمية، واسمها «ياسمين جبران»، وهي سعودية وُلِدَت في مخيلة الكاتب «أندرو وير» في قصته الخيالية بعنوان «أرتيموس»، التي تدور على مستوطنة على سطح القمر في المستقبل.. وأخيراً سأختم المقال بمعلومة سريعة عن أسماء البرامج: اسم المنظومة المتكاملة للعودة إلى سطح القمر هي «أرتيموس»، ويرمز الاسم الإغريقي إلى الشقيقة التوأم لأبولو.. واسم المركبة الأساسية التي ستحمل الرواد هي «أوريون»، وكلاهما من أساطير الآلهة اليونانية.. والطرفة هنا أن في تلك الأساطير المؤلمة تقوم «أرتيموس» بقتل «أوريون».. هل من المعقول أن هذه المأساة قد غابت عن وكالة الفضاء الامريكية عند اختيار أسماء البرامج المختلفة؟. * أمنيــــــة: وقعت المملكة اتفاقية قبل حوالى شهرين مع الولايات المتحدة لتصبح ضمن الشركاء في برنامج «ارتيموس» للعودة إلى القمر. أتمنى أن ينجح هذا البرنامج الطموح في تحقيق أهداف البحث العلمي، والاستكشاف، واستغلال الموارد، وتحفيز الأجيال الصاعدة، والجهود الإعلامية التوعوية بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store