Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

هيا بنا نتفلسف!

A A
- الإنسانُ مفطورٌ على التفكير في الله والظواهرِ والكون والوجودِ والموت، فهو كائنٌ مُفكّر بخلقته ووجوده.. ومن هنا كان التفلسُف طبيعةً متأصّلةً فيه لا يحيدُ عنها أبدا.

- تهدفُ الفلسفةُ أمُّ العلوم، إلى معرفةِ الذات (النفس) بشكلٍٍ أساسي، وتُرشدنا بطريقةٍ أو بأخرى، إلى أنّ التواضعَ والحب هما الطريقانِ الأمثلان لبلوغ تلك الغاية، الفلسفةُ تُعلّمنا كيف نعيشُ الحياةَ بحكمةٍ وسعادة.. لكنّها أيضاً تُعلّمنا كيف نتقبّل الموتَ بانشراح، بوصفه الخُطوة الأخيرةَ في طريقِ الحياة.

- يرى (الكِندي) أنّ الفلاسفةَ هم الجديرون بوراثة الأنبياءِ واتصالِ علمهم، وأنّ التعارض بين الفلسفةِ والدّين تعارضٌ مزيّف أوجده بعض رجال الدّين؛ الذين كانوا يكرهون كلّ شيءٍ يتماشى مع العقل، الفلاسفةُ.. رعاةُ العلم الحقيقي، وورثةُ الأنبياء، وهم الأطباء الحقيقيُّون للأمراضِ الفكرية للمجتمع.

- لماذا وقفَ بعضُ رجالِ الدّين والجهلاء من الفلسفةِ موقفاً سلبياً؟!.. لأنها تدعو للشكّ في الثقافاتِ السّائدة، ورفضِ التنميط والرّتابة، وإعمال العقل، وتكريس التفكير الحرّ، ومناقشة جميعِ الرؤى، ونقدها، وتمحيصها، وطرحِ التساؤلات المُزعجة للوصول إلى الحقائق، ورفضِ تقديس الأشخاص؛ مهما بلغت أهمّيتهم وارتقى علمُهم وتعمّقت معرفتُهم.

- يرى (ابن رشد) أنّ الدّين لا يتعارضُ مع العقل، وأن سدّ باب التّفلسُف جهلٌ فاضح، وصدٌّ عن بابٍ من الأبوابِ التي توصل إلى معرفة الله حقّ معرفته، وكانت تغلبُ عنده الدِّراية على الرّواية، أي العقل على النّقل، وعموماً لا داعي للتشنّج والتعصّب.. كلّ شي قابلٌ للشكّ، وليس هناك طريقة أكيدة لاكتشافِ الحقيقة المُجرّدة.. هنا يبرُز جمال الفلسفةِ وأهميّة التفلسُف.

- لا يكمن جمالُ الفلسفة، في سعيها إلى احتواءِ المَعارف جميعها، أو الإجابةِ على جميع التساؤلات.. لكن في تخفيف المَخاوف الإنسانية، وحمايةِ العقل من الشّطط والتَّبعية العمياء، والعيشِ على نحوٍ أفضل بمحاولة الوصولِ إلى الطُّمأنينة النفسية. - يرى (مارتن هايدجر): أنّ الفلسفةَ أعمقُ من العلم، وتسبقُ العلوم.. العلمُ يُبنى على الفلسفة، وكما يقول «رينيه ديكارت» (أبوالفلسفة الحديثة): «من أجل البحثِ عن الحقيقة، من الضروري مرّة واحدةً في مسارِ حياتنا، أن نشكّ -قدْر الإمكان- في كلّ شيء.. وعلينا أن نعتبرَ أنّ كلّ شيءٍ مشكوكٍ فيه.. غيرُ صحيح».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store