Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

سبعة دروس ناعمة وحادة.. من كأس العالم

A A
@skateb

رغم أن نجاح قطر المبهر والمستحق في استضافة وتنظيم كأس العالم لكرة القدم يستحق أن تُفرد له المقالات ثناءً وابتهاجاً، إلا أني آثرت أن أُخصِّص مقالي هذا -وقبل حتى أن يسدل ستار نهاية المونديال- للحديث عن عدد من الدروس التي ينبغي ليس لقطر وحدها، بل لدول الخليج كافة، الانتباه لها والاستفادة منها، ومن تلك الدروس ما يلي:

1- الدرس الأول والأهم: نحن في دول مجلس التعاون في مركبٍ واحد، والسهم الموجَّه لظهر أحدنا يدمي تلقائياً ظهور الآخرين. فالحملات الإعلامية الجائرة ضد قطر اليوم، تُمارسها ذات الأدوات التي دأبت في الماضي القريب على الإساءة للسعودية، ومنها الإعلام الغربي الذي خلع أخيراً القناع عن وجهه المنحاز؛ الذي ينظر لنا جميعا بذات النظرة الاستعلائية التي تنتقصنا، وتزدري قيمنا وثقافتنا، وتُحرِّض كل منَّا على الآخر.

2- القوة الناعمة يمكن أن تكون سيفاً ذا حدين، فضخامة الحدث وأهميته تجذب الأضواء، والتي لا تكتفي عادةً بنقل الأمور الإيجابية فقط، بل تبدأ بالنبش عن السلبيات أيضاً. هذا الأمر يجب أخذه في الاعتبار والاستعداد له من البداية عند وضع خطط الدبلوماسية العامة.

3- لنتذكر دوماً أن جاذبية وتأثير القوة الناعمة هي في سلاسة الأمر وبساطته، فالفوز السعودي على الأرجنتين مثلاً، والتغطيات الإعلامية الإيجابية الدولية الهائلة التي صاحبته، جعل المملكة أحد أكبر الرابحين في البطولة حتى الآن، وذلك بمعايير مكتسبات السمعة وتسويق الدول. وفي هذا دليل على أن النتائج الجيدة لا ترتبط بالضرورة بضخامة النشاط أو ضخامة الإنفاق عليه، بل إن العكس يمكن أن يكون صحيحاً، خاصةً عندما تُرسِّخ المبالغة في الإنفاق صوراً نمطية طالما سعينا لتغييرها، كصورة «دول النفط»، و»الثري الخليجي».

4- مفهوم «القوة الحادة» الذي نبَّهت كثيرا منه، تم استخدامه بشكلٍ منحاز وعنصري لتجريد قطر من أحقيتها في استضافة البطولة، وسبق استخدامه مراراً ضد المملكة عند استضافتها لفعاليات مثل: الفورمولا والسوبر الإيطالي والإسباني، وغيرها. وبالرغم من وضوح افتقار هذا المفهوم للموضوعية، وانحيازه، وأجنداته السياسية الاستعلائية، إلا أنه لم ينل ما يكفي من التصدي والتفنيد من قبل المتخصصين.

5- على دول مجلس التعاون التحرر من حساسية الانتقادات الإعلامية، وتعزيز ثقتهم بأن من يهاجمونهم ليسوا بدون أخطاء، بل إن أخطاءهم أصبحت مؤخراً تزكم الأنوف وتفيض بازدواجية المعايير، وتتناقض مع مزاعم حرية الرأي، ووجوب احترام ثقافات الدول المختلفة، وعالمية الرياضة والفنون والأدب ومنع تسييسها.

6- لأن العمود الفقري للقوة الناعمة هو الثقافة، ولأنه لا يوجد مَن يفهم ثقافتنا أكثر من أبنائنا، فإن أكثر أخطاء ممارسات القوة الناعمة تحدث بسبب جهل الشركات الاستشارية لتلك الثقافة أو حتى تجاهلهم لها، وبحثهم عن تعظيم مصالحهم أولا.

7- قبل أن تستضيف بطولة أو تقيم فعالية، عليك أن تسأل نفسك أولا: لماذا؟، ما هي النتائج الإيجابية المرجوة، والتأثيرات السلبية المتوقعة؟، وما هي معايير تقييم الأداء؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store