Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الموظف الياباني اليائس وملايين الموظفين المُختبئين

No Image

A A
طالعتنا مؤخراً وكالات الأنباء بخبر قيام موظف ياباني بحرق مقر شركته التي يعمل فيها والتهام النيران لمبنى الشركة بشكل كامل، ولعل السؤال الذي طرحه جميع المختصون في علوم إدارة الموارد البشرية لا يخفى على أيٍ منَّا وهو قضية مدى أخلاقية الضغوط الجسدية والنفسية التي تقع على عاتق بعض أو كثير من الموظفين.

إن الاحتراق الوظيفي هو مما نعلم جميعاً بوجوده تقريباً في جميع المؤسسات في العالم اليوم.. ومما لا يخفى علينا، فإن حادثة إحراق الموظف الياباني لشركته انتقاماً مما أصابه حسب تحليله بسببها من إرهاق ذهني وضغط نفسي، هي حادثة وإن لم تتكرر مرةً أخرى، إلا أن الأسوأ من إحراق المؤسسات وإشعال النيران فيها، ما هو خفي تحت الطاولة مُخبأ عن أعين وأسماع وملاحظة أصحاب الشركات وهو احتراق الشركات بحرائق غير مرئية حيث تتضاءل جودة إنتاجها السلعي أو الخدمي رويداً رويداً حتى يستيقظ صاحبها في الصباح على أزمة كبرى أو فضيحة تطال سمعتها إلى الأبد ولا يكون لها أي حلول.

انطلاقاً من هذه الحقائق الماثلة أمام أعيننا ومنذ سنين طويلة، سيظل السؤال المطروح حول أخلاقية استنزاف الموظف، هو سؤال لا يمكن أن يغيب عن نقاشاتنا، فكل نار عظيمة يكون مبتدئها الشرر الصغير.. ولهذا فعلى كافة المؤسسات أن تنظر إلى مستقبلها بعيداً عن قوة السيولة التي تمتلكها، فالمال وحده لا يضمن استمرار أية مؤسسة، وأمام أعيننا عشرات الشركات العالمية الكبرى التي سقطت وانهارت بشكل كامل في العقدين الماضيين وكان الناس يظنون أنها شركات غير قابلة للانهيار.

الاحتراق الوظيفي جريمة في حق العامل والموظف.. والاحتراق الوظيفي ليس حلاً لمشاكل صاحب المؤسسة.. والاحتراق الوظيفي ليس مخرجاً لأزمات أية مؤسسة تواجه شبح الانهيار والفشل.. الحادثة اليابانية لم تكشف لنا الجديد حول هذه القضية أكثر من كونها أكدت لنا جميعاً أن مصلحة المؤسسات هي في تحسين مستوى جودة حياة الموظف وليس العكس.. الموظف يحتاج إلى التعامل معه كإنسان وليس كرقم.. نجاح المؤسسة ولو بأرباح أقل من المؤمل الحصول عليها، أفضل من نجاحها في الحصول على عائدات فلكية، وانهيارها فلكياً أيضاً.. التوازن هو أساس كل عمل مستمر.. تعلمنا هذا من أجدادنا البسطاء.. شركتك التي تستمر لفترة أطول من الزمن بأرباح جيدة وموظفين غير يائسين هي أفضل بكثير جداً من الشركة التي تجني أرباحًا طائلة على حساب البشر الذين يعملون فيها ثم تنهار لأنها حتماً ستنهار، ويجب ألا نشك أبداً في أنها ستنهار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store