Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

أبواب الاستقالة مفتوحة!!

A A
يقول الخبر: (89 ألف سعودي قدموا استقالاتهم في العام 2022م، وهو رقم كبير ومؤشر إيجابي للسوق لأن هذا يعني أنهم وجدوا بديلًا أفضلَ)، والحقيقة أنه رقم صادم، ومؤشر خطير جداً، لفقدان الموظف الأهلي للإدارة الحكيمة وبيئة العمل المناسبة، وعدم حصوله على الحقوق الوظيفية الكافية من: راتب، علاوة، وترقية، مما يفقده الأمل كلياً في تقدير إمكانياته، تضحياته، نجاحاته، ليبدأ بالتفكير جدياً في تقديم استقالته، والبحث عن وظيفة أخرى جديدة حتى لو كانت بمزايا ضعيفة!! بدون فلسفه زائدة، أهم سبب لتفشي ظاهرة الاستقالة، ليس لأن الموظف كما يشاع وجد البديل الأفضل، بل لأنه أحبط من جهة عمله التي هضمت حقوقه، ولأن معظم مديري الشركات بالقطاع الخاص، يؤمنون بنظرية «ابتزاز الاستقالة»، الواردة بكتاب الدكتور الراحل غازي القصيبي (حياة في الإدارة)!!

وحتى أكون منصفاً، فإن هذا الكتاب القيم للدكتور غازي -رحمه الله- تضمن العديد من القواعد التي تخدم استقرار الموظف الأهلي ومنها (ضبط الدوام ليس معضلة كبرى كما يتصور البعض، وصول الرئيس في الموعد المحدد يضمن وصول بقية الموظفين في هذا الموعد)، وأيضاً (على صانع القرار ألا يتخذ أي قرار إلا إذا اكتملت أمامه المعلومات) وكذلك: (لا يجوز للإداري -مهما كانت عواطفه الإنسانية نحو زميل- أن يبقيه في موقعه؛ إذا كان بقاؤه يعرض العمل أو الآخرين للخطر). لكن كتاب الدكتور القصيبي -الله يسامحه- جب ومحا كل الآثار الإيجابية لهذه القواعد وغيرها، بنظريته التي أصبحت منهجاً لغالبية مديري الشركات بالقطاع الخاص وهي: (على المدير الناجح ألا يخضع للابتزاز «ابتزاز الاستقالة، ابتزاز....» وعليه أن يخبر من يريد الاستقالة أن كل الأبواب مفتوحة.. لا يستطيع الإنسان أن يحيا حياة طبيعية، في ظل الابتزاز مهما كان نوعه، اقبل الابتزاز مرة وسوف تضطر إلى قبوله إلى الأبد)، وهي القاعدة السلبية التي دقت آخر مسمار في نعش الموظف الأهلي!!

حينما ييأس الموظف الأهلي من الحياة بالشركة التي وهبها كل وقته وجهده وعمره والتي لم تبادله نفس الولاء والانتماء، وحينما يجد بالمقابل الاهتمام والترقية تذهب للمتزلفين والوصوليين كثيري الكلام قليلي المهام، فإنه يفكر جدياً بوضع حد لحياته بتلك الشركة من خلال إعلان تقديمه الاستقالة ليرى مقدار مكانته، ظناً منه بأنهم سيعترفون بقيمته، قبل أن يفاجأ بجحودهم ومخاطبتهم له بنبرة متعالية: (لا تحاول لي ذراعنا بالاستقالة.. فالشركة لم ولن تقف على أحد.. وترى الباب يفوت جمل)!!

لقد فرطت معظم الشركات الأهلية بكفاءات وطنية كبيرة، كانوا عماد النهضة والمكانة التي بلغتها، وكل هذا لا دخل له بـ(فن الإدارة) وإنما كله (عباطة بعباطة)، وقد تستبدلهم بوافدين أقل خبرة وأعلى بالراتب والبدلات والعمولة، لذلك يجب على المنظم سن فصل كامل بنظام العمل تحت عنوان (الاستقالة)، لتقنين دوافعها، مبرراتها، والحالات التي يتم فيها رفضها: (مثل أن يثبت حجب صاحب العمل لحقوق الموظف أو تهديده بالفصل بالمادة 80 لدفعه لتقديمه الاستقالة)!!

كما يجب على «الموارد البشرية» معالجة أسباب تفشي الاستقالة، بشن هجمة مرتدة تعتمد قاعدة الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-: (إن محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكارًا قديمة هي مضيعة للجهد والوقت) لهذا يتم إرغام المديرين المتعجرفين -طالما أن الشركة لم ولن تقف على أحد- ودفعهم لإنهاء مشوارهم الوظيفي بحملة عمالية تحت شعار: (أبواب الاستقالة مفتوحة)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store