Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

الكوارث.. وأدوارها في إعادة صياغة الأمم

شذرات

A A
النوازل والفتن تقع منذ زمنٍ على الأمم والشعوب بمختلف أماكنها وانتماءاتها وتاريخها ومواقعها، وهي تُؤثِّر بشكلٍ قوي على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، البعض يتحدَّث بإسهابٍ عن هذه الفتن، ومن النادر الحديث عن الآثار المترتبة عليها ودورها في إعادة صياغة هذه الأمم.

من النوازل: الفيضانات والسيول، والجفاف والزلازل، وغلاء المعيشة والحروب والأوبئة، وقد عاش العالم مع وباء كورونا واختلفت آثاره من دولةٍ لأخرى، وتميَّزت بعض الأوطان في إدارته التي اختلفت من مجتمعٍ لآخر، وكانت بلادنا من الدول المتميزة في معالجة آثار هذا الوباء.

لو نعود قليلاً إلى الوراء، ونتذكر ثورة ما يُسمَّى «الربيع العربي» التي اندلعت في عدة دول شقيقة، لوجدنا أن هذه البلدان مازالت تدفع الثمن غالياً من نزيف الدم والخراب الاقتصادي الكبير، بل حتى الانقسامات الداخلية، حيث يعيشون ويلات تلك الفتن التي كانت ولا تزال تُدار بأيدي قوى خارجية، وتُسبِّب المزيدَ من تمزيق الصفوف وتفتيت الجبهة الداخلية.

ومن النوازل الطبيعية ما ينتج عن حدوث تغيُّرات في الطبيعة، وتُهدِّد الإنسان إما بالموت أو الدمار الاقتصادي والاجتماعي، وقد أوضحتْ ذلك د. نجلاء محمد المطيري في كتابها عن النوازل والفتن، وآثارها في بلاد الحجاز، وقامت مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية بطباعته، حيث ضربت أمثلة على هذا النوع من الكوارث، منها البراكين والزلازل الشديدة، والفيضانات والعواصف الشديدة وغيرها، وأضيف إليها السيول الجارفة، التي سبق أن داهمت الحرم الشريف مرتين خلال الستين عاماً الماضية، وهي ما عُرفت بسيول الأربعاء، ومثلها السيول الجارفة التي داهمت جدة عام 2009م، وتكرَّرت قبل عدة أيام.

من جانب آخر، ينتج عن الجفاف وانحباس المطر وارتفاع درجات الحرارة وظهور الأوبئة والأمراض المتعددة، كالطاعون والجدري وغيرهما، مما يؤدي إلى خسائر بشرية وموت للحيوانات والنباتات وما يترتب على ذلك من دمارٍ والعياذ بالله.

وقد عُرفت كل هذه النوازل ما قبل الإسلام وفي عصر النبوة والخلفاء الراشدين وعبر القرون التي تلَتْهم، وحتى يومنا هذا، وكان الخليفة عمر بن الخطاب من أوائل من سعى للحد من تأثير السيول على مكة.

ولعل من المناسب أن نذكر أنه لا توجد حلول جذرية لهذه النوازل، ولكن هناك العديد من الوسائل للتخفيف من حدة آثارها، كبناء السدود، وتجنُّب بناء المنازل في الأودية، ووضع إستراتيجية مُحكمة لمواجهة هذه المخاطر، وتوزيع الأدوار على جهات الاختصاص، بما فيها المنظماتُ غيرُ الربحية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store