Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

لغة الحب في المقام العظيم

A A
قصة حب نادرة نعيش تفاصيلها بروحانيةٍ حالمة في مهوى الأفئدة «مكة المكرمة، البلد الآمن، والبيت المعمور، مهبط الوحي».. إنها لغة الحب الفريدة التي تجعل قلوب المؤمنين في حالة اتصالٍ دائم مع رب العباد، ويجعل الاطمئنان يُغلِّف قلوب كل مَن يقصد الروحانية والسكينة والهدوء، ويرجو رحمة ربه وغفرانه، هنا في بيت الله الحرام، يلتقي الإنسان بعالم الحقيقة الروحانية.. ففي هذه البقعة الطاهرة تتعلق المشاعر قبل القلوب، حكمة إلهية تحملك بكثير من المشاعر والأحاسيس بأنك في مقامٍ عظيم، مقام الكعبة المشرفة، القبلة التي تتوجَّه لها قلوب المصلين، أي شعور ينتابك في البيت العتيق، تلمس بيدك الملتزم، وبصرك إلى حيث وقف المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عند باب الكعبة، عندما فتح مكة، وتتذكَّر كلماته التي سجلها التاريخ: «لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، عليك صلوات الله وسلامه يا سيد الكونين.

جاءت كلماتك بعد أن ظل الجميع يرقب ماذا تقول، ولكن رحمة بهم؟.. كيف لا وأنت الرحمة المهداة، هنا في بيت الله الحرام تراهم يرجون رحمته تعالى، وكأنها الهدايا التي تأتي دون موعد، وتترك الأثر الجميل في ثنايا الروح، هدايا رب العالمين التي لا تنفد، وتُحقَّق الأمنيات الكثيرة، فنحن العباد الفقراء نرفع أكفّنا في فضاء رحمته وقلوبنا تدعو، ووعده هو الحق المبين، هنا في مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية في أنشودة العمر.. وُلِدَ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- هنا، ربَّاه ربه، وملأ قلبه حُبًّا وفطرة.. هنا، في المكان الذي أحب، والأرض التي عشق.. عليك صلوات الله وسلامه يا خير خلق الله، عليك صلوات الله وسلامه يا من أنقذ الله بك نفوساً من غيِّها وضلالتها.. عليك صلوات الله وسلامه يا من أرسله الله هادياً ومُبشِّراً وسراجا منيراً.. عليك صلوات الله وسلامه يا من اصطفاك المولى لتكون خاتماً للأنبياء ورحمة للعالمين.

«ابن بطوطة» في رحلته الشهيرة إلى مكة يُصوِّر بعبارات بديعة هذا البلد الأمين، يقول: ومن عجائب صنع الله أنَّه طبع القلوب على النزوع إلى هذه المشاهد، والشوق إلى المثول بمعاهدها العريقة، وجعل حبّها متمكنًا في القلوب، فلا يحلها أحد إلا أخذت بمجامع قلبه، ولا يُفارقها أحد إلا أَسِفَ لفراقها، شديد الحنين إليها، ناويًا لتكرار الوفادة لها.. فأرضها المباركة نصب الأعين، ومحبّتها حشو القلوب.. حكمة من الله بالغة.. وتصديقًا لدعوة خليله عليه السلام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store