في ظل عالم يشهد أعداداً من البشر المتضررين من الجوع، وفقدان أطنان من الأغذية الصالحة للأكل تتعرَّض للهدر كل يوم، كان لزاماً دعوة ذوي الاختصاص إلى السعي لإعطاء هذا الأمر أولوية قصوى في برامجهم، والمضي قُدماً في الابتكار للحدِّ من الفاقد والمهدر من الأغذية في معظم بلدان العالم، لاسيما أن هذا الهدر للأغذية سيكون ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وذلك بالنفايات الناجمة من الأفراد وحدهم.
إذا كُنَّا نعتز بمساهمة العديد من المدن في بلادنا بالسلال الغذائية، من عسير، وادي الدواسر، جازان، الباحة، الطائف، القصيم، الجوف، والمدينة المنورة، فضلاً عن الكميات الغذائية التي يتم تأمينها من خارج الوطن، فإن من أهم ما يلفت النظر هو مؤشرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، التي تُؤكِّد بأن نسبة الهدر الغذائي في بلدان العالم عالية جداً، ومن بينها الدول العربية وفي مقدمتها مصر، يليها العراق والسودان والجزائر والسعودية، والمغرب واليمن وتونس والأردن، والإمارات ولبنان وعمان وقطر والبحرين.
وعالمياً، تحتل الصين المركز الأول، يليها الهند، أمريكا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، إسبانيا وأستراليا. ولعل دورنا يكمن في تقليل كمية الغذاء المهدر إلى أدنى مستوى ممكن، حيث يحدث الهدر عادةً في حالات عديدة تبدأ من طريقة حصاد الغذاء في المزارع وشحنه عبر وسائل النقل.. في الحلقة حيث يُباع بالجملة.. في وسائل حفظ الطعام غير السليمة، وعندما نشتري أكثر مما نحتاج، أو نطهو كميات تزيد عن احتياجنا، وعندما نتخلَّص من بقايا الطعام في المنازل أو في المطاعم، أو قاعات الاحتفالات والمناسبات... وغيرها، وتعد الأخيرة من أكثر الجهات في نسبة الهدر. ومع تعدد الجهات غير الربحية التي تكفَّلت بتوزيع الفائض إلى المحتاجين، إلا أن الهدر ما زال مستمراً وفقاً للجهات المختصة، التي قدَّرت قيمة الهدر من الغذاء في بلادنا بـ 40 مليار ريال سنوياً.
وبالرغم مما تتمتع به الدول الإسلامية من سماتٍ فريدة من نوعها في ثقافتها ودينها، إلّا أن الأبحاث تُظهر بأنه خلال شهر رمضان الكريم، تصل نسبة هدر الطعام من 25% إلى 41% بسبب أنماط حياتية غير مرغوبة، فماذا نحن فاعلون؟!.
مبدئياً، نبدأ بأنفسنا، بانتظار ما سيرد إلينا من معلومات وإحصائيات حديثة في هذا الشأن.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
