Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

هل الصحف الورقية مجرد خبر؟

A A
كانت الصحف الورقية منذ بداياتها وحتى ثورة وسائل التواصل الحديثة؛ تعني للقارئ في المقامِ الأولِ (الخَبر)، ومع أنها لم تكن وحدها سيّدة الميدان، إلا أنها كانت تتميَّز بالأخبار وتعتني بها أكثر من رصيفاتها، كالإذاعة والتلفاز.

اليوم ومع الثورة الهائلة في وسائل التواصل بأشكالها المتعددة؛ لم تعد الصحف هي سيّدة الخبر؛ فالسوق مفتوحة والكل يدخلها، ومن هذا المنطلق لم يعد الخبر لعبة الصحف، وعلى إثر ذلك فقدت الكثير من قرَّائها، وترتب على ذلك فقدها للكثير من مداخيلها المالية العائدة عليها من الإعلانات. ما المطلوب إذن؟، المطلوب هو أن تُؤمن الصحف بأن الخبر أصبح فيه (شركاء متشاكسون) ولم يعد لعبتها، ولا أعني الأخبار على إطلاقها، الأخبار التي أعنيها هي الأخبار (المشتركة والمشاعة والمكررة والمبيتة) المحلية والعالمية، والتي تتقاسمها وسائل الإعلام ووسائط التواصل، فهذه الأخبار تُفرَّق دمها في الوسائل العديدة، وأصبحت مشاعة وفي كل الوسائل، ولذلك فلا تميُّز فيها لوسيلةٍ عن أخرى إلا بقدر ما يسبقها أو يتلوها من قراءات أو تعليقات تقوم بها الوسيلة الإعلامية. يأتي البعض فيقول: إن الحل هو في أن تتحوَّل الصحف إلى الصيغة الإلكترونية، والواقع أن الصحف قامت بهذا الأمر منذ فترة، فأصبحت أخبارها وموادها مُحدَّثة باستمرار على مواقعها الإلكترونية. ما المُشكل إذن؟، المشكل هو أن المحتوى في الموقع الإلكتروني للصحيفة (أ)، هو نفسه تقريبًا في الصحيفة (ب)، بل في بقية الصحف، بل هو مُشابه كثيرًا لما يتداوله القراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما تتضمنه أكثر الصحف الإلكترونية، وأكثره مجرد أخبار. وهنا يأتي سؤال: مادام أن المحتوى متشابه بين المواقع الإلكترونية للصحف الورقية والصحف الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ فما الذي يمكن أن يُميِّز الصحف الورقية؟، في رأيي إن ما يمكن أن يُميِّزها عن غيرها هو نسختها في صيغة الـ(pdf)، شرط أن تتخلى هذه النسخة عن الأخبار إلا ما لابد منه، والدليل على تميُّز هذه النسخة بهذه الصيغة، أنك تجد الأكثرية من القراء حين يدخلون لمواقع الصحف الورقية؛ فإنهم يبحثون مباشرة عن صيغة الـ(pdf)، كونها تُشبه الصفحات الورقية للصحف. وقد قامت إحدى الصحف الورقية بتجربة حاولت فيها أن تُغيِّر من هيئة الـ(pdf)؛ حيث جعلت موادها في الـ(pdf) عبارة عن عناوين، وتحت كل عنوان صورة تُعبِّر عن المادة، وتحت الصورة رابط المادة، ومن أراد قراءة المادة يضغط الرابط ليدخل إليها مفردة، ولكن لم يُكتب للتجربة النجاح، فعادت سريعًا للصيغة المألوفة، وهذا يدل على أن القارئ يُفضِّل الـ(pdf) بصيغتها المألوفة، وما يُؤكِّد هذا الأمر أيضًا أن (صحيفة إلكترونية) كانت تُعنى بالمقالات (فقط)، فعمدت لجعل مقالاتها (موادها) على صيغة (pdf) المألوفة، فكان الإقبال عليها كبيرًا، وهذا يُؤكِّد أن القارئ يرتاح لهذه الصيغة، والعين ترتاح لها، وتغدو مواد الصحيفة أكثر مقروئية.

القراء لأي صحيفة لا تعنيهم كثيرًا الأخبار بشتى أنواعها؛ لأنها موجودة في جوالاتهم وفي المواقع الإلكترونية للصحف الورقية، وفي مواقع الصحف الإلكترونية، الذي يعنيهم هو المحتوى الجيد المتفرد؛ ممثلاً في الحزمة التالية التي تشمل: (التقارير الساخنة، والأخبار والحوادث -بشرط أن تكون حصرية للصحيفة- والتحقيقات المثيرة، ومقالات الرأي والإبداع الأدبي، والقراءات السابقة والتالية للأحداث السياسية والثقافية والرياضية..)، وهذه الحزمة من المواد هي التي يمكن أن تجعل لكل صحيفة بصمتها وشخصيتها المغايرة، وفي هذه الحزمة بالذات يكمن التفاوت والتمايز بين الصحف. لذا أرى أن تُخصِّص الصحفُ مواقعها الإلكترونية للأخبار المشاعة والمتجددة، وتُخصِّص صفحات الـ(pdf) للحزمة السالف ذكرها؛ كون محتوى الحزمة غير مكرر ولا مشاع، بل هو حصري ويختلف من صحيفةٍ لأخرى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store