Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد رشاد بن حسن مفتي

الأمانة العلمية وحب الظهور

A A
هناك للأسف بعض العلماء ونتيجة لحبهم للظهور الإعلامي، يدلون بدلوهم في كل تخصص، ليس له علاقة بتخصصاتهم التي نالوا أعلى الدرجات العلمية فيها، بل وامتد شغفهم للظهور الإعلامي، المشاركة في برامج الحوارات التليفزيونية وتناول كل موضوع أو معلومة في جميع التخصصات، وبثقة هائلة وكأنهم درسوها بعمق وتفصيل كما يفترض لكل باحث علمي فعله.

والأدهى والأمر أنهم، إذا سمعوا أو قرأوا عن أي خبر علمي، يعيدون التصريح به مرة أخرى لجهات وصحف بدون الرجوع للمصدر أو الاشارة له.. ولا تفسير لذلك إلا شغف الظهور وبأي طريقة.

قبل عدة سنوات، وبالتحديد سنة 1993م، أصر أحد علماء البراكين للصعود برفقة إعلاميين وعلماء براكين آخرين لفوهة بركان جاليراس في كولومبيا، وقد قيل إنه تجاهل بعض التحذيرات العلمية بسبب رغبته في الشهرة التي واكبت صعوده لفوهة البركان.. ويالها من شهرة حصل عليها، فقد ثارت فوهة بركان جاليراس أثناء تواجده هو وعدد من الإعلاميين والجيولوجيين في داخل الفوهة أو على حافتها مما أدى لمقتل العديد.. أما عالم البراكين فقد نجا من الموت بصعوبة.

ولحبه للشهرة الإعلامية (وهي للأسف مرض متأصل)، فقد ألف كتابًا ذكر فيه أنه هو كان الناجي الوحيد (وهذا غير صحيح)، ليعتذر عن ذلك بعد ظهور الكتاب واعترافه أن هناك آخرون قد نجوا أيضًا.

على العلماء أن يتحلوا بالأمانة العلمية، والرجوع للأصل والمصدر، عندما يتحدثون عمومًا لوسائل الإعلام عن أمور علمية ساهم فيها غيرهم.. وظهورهم في كل حين والحديث عن أي شيء، ستحرقهم علميًا وإن تأخر ذلك.

وهذا ما حدث لأخينا عالم البراكين والذي صعد لقمة بركان جاليراس.. بعد تأليف كتابه، ظهر كتاب آخر، اتهمته مؤلفته حتى بالسرقة العلمية سابقًا، وتجاهله عمدًا لبعض الحقائق العلمية عن احتمال ثوران البركان، للصعود للفوهة مخاطرًا بحياته وحياة من رافقه، بسبب حبه للظهور إعلاميًا ورغبته في الشهرة، ولكن يالها من شهرة حصل عليها، ولكن بعكس ما أراد أصلاً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store