Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

المدير «الطبل»!

A A
الطبل آلة موسيقية تصنع من الفخار أو المعدن على شكل إناء ضيق في الوسط عند أحد طرفيه، ومتسع عند الطرف الآخر الذي يشد عليه جلد رقيق، وعندما تضرب على الجلد -بيدك أو بأداة ضرب- فإنه يُصدر صوتاً عالياً.

في علم الإدارة تستخدم التعبيرات المجازية للتشبيه وتبسيط الأفكار وتوصيل المعاني للآخرين، واليوم نتحدث عن «المدير الطبل» فهو: شخص منفوخ ومظهره خادع، ويجعجع ويتفلسف ويتظاهر بالمعرفة، لكنه أجوف وفارغ من الداخل.

هذا النمط قد يخدع بعض من حوله، ويوهمهم بأنه عبقري زمانه، ويتمتع بالقدرة على الكلام المنمق والمراوغة ولكنه صغير وقزم في داخله، يلجأ إلى تعقيد المشاكل الإدارية البسيطة أكثر من حلها، ويتعذر بمراعاته للأنظمة واللوائح، ويتشدق بالمبادىء والمثل العليا، في الوقت ذاته هو شخص متزلف وليس له مبدأ ثابت، ويخرق الأنظمة عندما تكون له مصلحة شخصية أو تأتيه الأوامر من رؤسائه الأعلى في المنظمة، فهو أمامهم يبدو بمظهر المرن الحريص على حل المشاكل، ولا يتفلسف عليهم لأنهم «سيخبطونه على رأسه ويعرفونه بحجمه الحقيقي».

هو حريص على تلميع صورته المهزوزة عند كبار المسؤولين في المنظمة.. كما تلاحظ عليه الاستعلاء على المراجعين العاديين والضعفاء ويفرح لمعاناتهم -لاشباع عقد النقص التي بداخل شخصيته المريضة- ويحوجهم للترجي لأخذ حقوقهم.. هذا الصنف سريع في الانخراط في التحالفات غير الرسمية مع الأقوى في المنظمة، ومن خلال هذه العلاقات الشخصية يحرص على البقاء في منصبه لأطول فترة ممكنة أو ترقيته لمنصب أعلى يخدم فيه أسياده.

المدير الطبل يخلق أجواء موبوءة في المنظمة ويقرب له الموظفين الانتهازيين الذين يكيلون له المديح ويشيدون بإنجازاته الوهمية «الطيور على أشكالها تقع»، وقد يخلق الصراعات الداخلية ويحارب الموظفين الأكفاء الذين يعرفون قدراته الحقيقية..

هذا النوع من المديرين يستخدم أيضاً من قبل المسؤولين الأعلى في المنظمة لنشر الأخبار والشائعات التي تهمهم، وتشويه سمعة الأكفاء إذا تعادوا معهم، لأنه أجوف مثل الطبل الذي إذا ضربته يصدر صوتاً عالياً يسمعه الآخرون رغم انه فارغ من الداخل..

عندما يكثر الطبول على مسرح المنظمة فإنك لا ترى أي انجاز فعلي، وإنما تكثر الصراعات والدسائس والمؤامرات والأمراض الإدارية في بيئة المنظمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store