Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

محمود سفر.. وإنجازات في خدمة الحجيج

A A
‏أولت الدولة السعودية جلَّ اهتمامها بالحج؛ كونه الشرف العظيم والمسؤولية الكبرى التي قدَّر الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد بأن تكون راعية للمقدسات الإسلامية، ولها شرف تقديم أرقى الخدمات للحجاج والمعتمرين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مروراً بأبنائه الكرام؛ فتعيين وزير الحج أمراً في غاية الأهمية، ومنها ما كان من تعيين معالي وزير الحج الأسبق الدكتور محمود بن محمد سفر، الذي قدَّم الكثير في مرحلة مؤسسات الطوافة؛ وذلك بعد فصل الأوقاف عن وزارة الحج، وقد امتدت مدة وزارته من ١٤١٤- ٦/٣/١٤٢٠هـ. ‏وقد اتسم عهده بالتطوير لمهن أرباب الطوائف، وسأُركِّز فقط على مهنة (الطوافة)، كوني عنصراً فاعلاً ومراقباً لكافة الإجراءات التنظيمية؛ حيث انتقلت المؤسسات من التأسيس (١٤٠٣ - ١٤١٣هـ) للأنظمة واللوائح والإجراءات، إلى عهد الاستقرار والتحسين، فكانت نتيجة ذلك انعكاس لتطوير الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، ولعل أهم الإنجازات التي حظيت بها تلك المرحلة هي: ‏تطبيق نظريات التخصص في الخدمة؛ وتقسيم العمل، وتحديد المسؤوليات والصلاحيات، حيث أصدر معاليه قراراً في عام ١٤١٥ بإنشاء (مجالس تنفيذية ميدانية) في كل مؤسسة، بحيث يخدم كل مجلس تنفيذي مجموعة متجانسة من الحجاج من جنسية معينة، أو من عدة جنسيات متقاربة في العادات والتقاليد، ويكون رئيس المجلس التنفيذي عضو مجلس إدارة؛ ويُعيَّن من وزير الحج شخصياً، وكذلك معاونيه من رؤساء مجموعة الخدمة الميدانية، بحيث يشرف كل معاون على عدد من الحجاج، وبذلك يكون التنسيق كبيراً بين المجلس التنفيذي ومجموعات الخدمة المدنية وسرعة حل المشكلات.

وأثبتت تلك المجالس نجاحها وباعتراف بعثات الحج، كما أذكى هذا التنظيم؛ التنافس بين المجالس التنفيذية لتقديم أفضل الخدمات.

وقد كان لمعاليه دور كبير في تطبيق نظام (المبلغ المقطوع)، حيث في عام ١٤١٨هـ صدرت الموافقة الكريمة رقم٧/ ب /٣١٨٣ على صرف أجور الخدمات كاملة للمطوفين والأدلاء عن العدد الفعلي للحجاج الذين يخدمونهم كل عام؛ وبالتالي موافقة معاليه على تطبيق نظام المبلغ المقطوع، الذي يُوزَّع بالتساوي على المطوفين والمطوفات، بموجب برقية معاليه العاجلة رقم س/ ١٩٧/ ٤١٩ ب ح، في ٢٦/٢/١٤١٩هـ، وكان لهذا أثر كبير في تحسُّن دخل كثير من فقراء المطوفين والمطوفات، والذي كان إضافة (للجُعل) الذي خُصص في عهد معالي الوزير عبدالوهاب عبدالواسع - رحمه الله - أيضاً للمطوفين، الذين يقل دخلهم عن (٥٠٠٠ ريال)؛ حيث هذا الدخل يعتبر المصدر الوحيد لهم؛ وكم بارك الله في مثل هذه الإجراءات، وسادت روح التكافل الاجتماعي.

بل كان لمعاليه أثر في المطالبة بوضع الخطط التشغيلية في مؤسسات الطوافة، والعمل وفق احترافية إدارية منظمة يتم اعتمادها والالتزام بمعايير الجودة أثناء الموسم، وتكليف مكاتب الخدمة المدنية بوضع خططهم التشغيلية المتوافقة مع خطة كل مؤسسة. وكان لتعليماته الحكيمة للمؤسسات باعتماد الميزانيات الختامية أولاً من الجمعية العمومية، ثم إرسالها للوزارة للاعتماد النهائي، دور في قناعة المساهمين بما ورد في الميزانيات من مصروفات وإيرادات، والعجز أو الزيادة؛ فلا ينظر لمسودة الميزانيات، ولكن بما تعتمده الجمعيات العمومية.

ولثقته بالمطوفين ودورهم في الميدان، شكَّل مجلساً استشارياً خاصاً به من كبار المطوفين، فتُعرض عليه القضايا، والمشكلات، والحلول وقبل رفعها لهيئة تأديب الطوائف، أو للإدارة العامة للشؤون القانونية.

ولإذكاء روح التنافس بين العاملين في مجال خدمات الحجيج، تبنَّى فكرة تكريم المتميزين والمتميزات، وإقامة حفل سنوي وتكريم للإعلاميين وجميع الجهات المشاركة في الحج. كما أنه أول مَن طالب المؤسسات بتدريب العاملين في الحج، وإقامة الدورات التدريبية والتثقيفية، لإيمانه بأن الخبرة لابد أن تُدعَم بالعلم، مما يُساهم بالإتقان والجودة في الخدمات، واستقطاب خبراء وأكاديميون لتقديم المحاضرات والدورات.

بل وجه معاليه بأن يكون من المؤسسات مراكز لاستقبال الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، وفي المنافذ البرية والبحرية، وذلك لسرعة إنهاء إجراءات الاستقبال وربط البيانات في الخدمات الإلكترونية مع المؤسسات ومكاتب الخدمة الميدانية.

‏هذا غيضٌ من فيض مما قام به ابن مكة البار «محمود سفر»، الذي تلقَّى مراحل تعليمه في مدارس مكة، ورضع قِيَم وأخلاق النبوة، وبالرغم من دراساته العليا في الولايات المتحدة، لكنه ظل متمسكاً بتلك القيم التي جعلته القدوة لخدمة دينه ووطنه ومليكه، وخدمة الإسلام والمسلمين.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store