Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

لغتنا العربية.. في منظمة الأمم المتحدة

A A
في وقتٍ لا يختلف فيه اثنان على حجم المعاناة التي تمر بها لغتنا العربية، يظل هناك دوماً بصيص أمل، وأيادٍ غيورة تمتد ساعية لانتشال هذه اللغة العظيمة ووضعها في المكان اللائق بها، ومن تلك الأيادي «مجمع الملك سلمان العالمي» الذي يمارس دوراً هاماً في خدمة اللغة العربية، وتعزيز دورها إقليمياً وعالمياً، ودعم إسهامها الحضاري والعلمي والثقافي في مختلف المحافل الدولية. ومن ضمن جهود المركز الهامة إصداره مؤخراً لكتاب بعنوان: (تاريخ اللغة العربية في منظمة الأمم المتحدة)، والذي تم تدشينه في مقر المنظمة الدولية بمدينة نيويورك، وسط احتفالية رفيعة تزامنت مع احتفالية «اليوم العالمي للغة العربية»، وعمل على تحريره الزميل القدير دكتور «بندر الغميز».

وقد تشرَّفت بأن أكون أحد المشاركين في تأليف هذا الكتاب، حيث أُسْنِدَ لي كتابة مبحث هام لم أتردَّد لحظة في قبوله؛ رغم ندرة المراجع والبحوث حوله، وهو يتناول الملابسات التاريخية لحضور اللغة العربية في الأمم المتحدة واعتمادها، مستهلاً ذلك بتناول أهمية هذه الخطوة عبر إيضاح الدور الهام للغة كقوةٍ ناعمة تحرص الدول على توظيفها؛ لتعزيز وتدعيم مكانتها الدولية، وتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وذلك عبر التأثير والجاذبية والقدرة على الإقناع، وهي جميعها أمور هامة، وتزداد أهمية عندما تكون داخل المنظمة الدولية الأهم والأكبر حجماً، من حيث عدد الدول الأعضاء، والانتشار الجغرافي لأنشطتها.

رحلة حضور اللغة العربية واعتمادها كلغةٍ رسمية، ولغة عمل في منظمة الأمم المتحدة، مرَّت بالعديد من المحطات، وليس هناك شك بأن دخولها ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في المنظمة الدولية، جنباً إلى جنب مع (الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية)، يعتبره البعض الحدث الأبرز في تاريخ اللغة العربية، من حيث الاعتراف الدولي المستحق بمكانتها، وما تحقَّق لها من انتشار وانفتاح على العالم.

الإنجاز المتحقق ساهمت فيه العديد من الدول العربية بدرجاتٍ متفاوتة، كانت فيه المملكة العربية السعودية دائماً ضمن أوائل الدول بدعمها وثقلها السياسي والمادي والقيادي. وكانت هناك مواقف هامة للدول الإسلامية والدول الصديقة. ولم تكن رحلة الاعتماد سهلة، بل إنها تطلَّبت جهوداً دبلوماسية حثيثة في جميع محطاتها، وحتى بعد الاعتماد، كانت هناك تحفُّظات من بعض الدول، ومحاولات للتعبير عن الاعتراض والامتعاض، بل وحتى السعي للتقليل من أهمية الخطوة، وهو ما تم توثيقه والرد عليه ضمن ثنايا هذا الكتاب.

جهود وأنشطة دعم اللغة العربية لم تتوقف عند قرار الأمم المتحدة رقم 3190، ففي عام 2012 تبنَّت السعودية والمغرب (باقتراح ومبادرة من مندوب السعودية في اليونسكو حينها د. «زياد الدريس») مشروع قرار للمجلس التنفيذي لليونسكو، يدعو للاحتفال باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، وتم اعتماد القرار بالإجماع، ليصبح هذا التاريخ بعدها، ليس مجرد يوم للاحتفال، بل ولدعم لغتنا العربية وخدمتها وتعزيز مكانتها بكافة الطرق والوسائل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store