Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

التنمية الحضرية المستدامة.. في رؤية المملكة 2030

A A
التنمية الحضرية إحدى أبرز مظاهر التنمية الشاملة والمستدامة، ويتمثل ذلك بزيادة المراكز الحضرية من حيث الحجم والعدد، والبنية التحتية والخدماتية، والتطورات الاجتماعية والاقتصادية. وقد ظهر مفهوم التنمية الحضرية انطلاقاً من النصف الثاني من القرن العشرين في العديد من دول العالم الأول.

وقد قامت هيئة الأمم المتحدة بدور فعال في نشر فكرة التنمية الحضرية على المستوى الدولي الذي بدأ بالمجتمعات الريفية عام 1951م، وامتد عام 1957م إلى المجتمعات الحضرية، وكانت هذه التنمية ضمن أهداف وبرامج رؤية المملكة 2030م، والمملكة تسير بخطوات حثيثة متخذة عدة مسارات في سبيل تحقيقها، منها:

أولًا: القضاء على العشوائيات بالبدء بخطة تطوير الأحياء العشوائية في مكة المكرمة وجدة والرياض لتوفير حياة كريمة لسكانها وتطوير بعض الأحياء التي لا تتوفر بها بنية تحتية.. وذلك للارتقاء بحياة المواطن وتوفير السكن الملائم الذي يحتوي على كافة مظاهر الحياة الآدمية.. لذا صدر قرار إزالة العشوائيات في الرياض 2022، كما تمّ إزالة (30 ) حيًا عشوائيًا في جدة، ويعمل البرنامج على تطوير القطاع البلدي، شاملًا أنسنة المدن، وتحسين المشهد الحضري، والارتقاء بالخدمات المقدمة.

ثانيًا: برنامج مستقبل المدن، وهو برنامج تعاون بين وزارة الشؤون البلدية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، قد تم تنفيذه بالتعاون الوثيق مع أمانات 17 مدينة سعودية تم اختيارها بناء على أحجامها السكانية المختلفة وتوزيعها الجغرافي، إلى جانب مجموعة من المعايير المعتمدة على القدرات والإمكانيات الاقتصادية لخلق تنمية إقليمية أكثر توازنًا بين مدن المملكة. ولقد أجريت العديد من المراجعات على مستوى المدن، مع تحليل تفصيلي ومتعمق لخمس مدن باعتبارها تمثل عينة نموذجية للمدن السعودية، حيث نظرت هذه المراجعات في الروابط بين التخطيط الحضري والتخطيط الإقليمي من خلال فحص المدينة داخل منطقتها الفرعية، ودراسة بعض القضايا المحددة على مستوى المجاورات السكنية.

ثالثًا: الاهتمام باقتصاد المدن؛ إذ يشكل 70% من إجمالي الناتج العالمي تقريبًا، ومع إدراك البلاد للدور الاقتصادي الهام الذي تُشكّله المدن، قامت العديد من الحكومات المحلية والإقليمية حول العالم بوضع خطط تهدف لتحويل المدن إلى مراكز حضرية لها طاقة إنتاجية وتنافسية أكبر، عبر تقديم بيئة ملائمة للعملاء، الأمر الذي يؤدي لجذب استثمارات ضخمة وتنشيط حركة الأعمال.

وباعتبار المملكة دولة نفطية، فقد اعتمدت في تطوير بنيتها التحتية على الاقتصاد النفطي، ممّا أدى إلى تطوير ونمو كبيرين لمراكزها الحضرية الرئيسية. وقد أدت هذه الظاهرة إلى زيادة نسبة السكان في المناطق الحضرية بمقدار 4 أضعاف منذ عام 1950. الأمر الذي يجعل المملكة واحدة من أكبر الاقتصادات المتحولة للتمدّن، بتجمعات سكانية حضرية تتجاوز 80% من أصل مجموع سكانها.

كما أنّ هناك بعض المدن الكبيرة مثل الرياض، وجدة، والدمام ومكة المكرمة، تضم كثافة سكانية كبيرة مستدامة (سواء من المواطنين أو العمالة الوافدة). وتشارك هذه المدن بنسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة، كما تُعد أسواقًا كبيرة للسلع والخدمات.. ووفقًا للتقرير الذي أصدره اقتصاديو جامعة أكسفورد “المدن العالمية 2030″، حلّت الرياض وجدة في المراكز 19 و47 بالترتيب، من بين أكبر 50 مدينة متوقع لها أن تشهد الزيادة الأكبر في الكثافة السكانية وإجمالي الناتج المحلي.

رابعًا: إنشاء مراكز تجارية وسكنية وسط المدينة «داون تاون» في 12 مدينة داخل المملكة، بهدف تحريك البيئة التجارية في مدن السعودية.

خامسًا: إنشاء المدن الذكية، فقد كشف سمو ولي العهد النقاب عن خطط «ذي لاين» في يناير 2021، وهو أول مشروع إنشائي لمنطقة الأعمال «نيوم» بتكلفة 500 مليار دولار بهدف تنويع اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم، وأعلن سموه خلال عرض تقديمي في جدة في 25 يوليو، عن تصاميم المدينة التي «ستُبنى وفقًا لأحدث تقنيات البناء وعمليات التصنيع من قبل معماريين ومهندسين عالميين، وتستهدف تحقيق مثالية العيش.. وتأتي تصاميم «ذي لاين» انعكاسًا لما ستكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلًا في بيئة خالية من الانبعاثات.

سادسًا : إنشاء 7 مدن جديدة.. حيث تقوم السعودية بتحويل آلاف الكيلومترات من الرمال إلى مدن جديدة، فتسعى إلى تنويع اقتصادها وخلق فرص عمل وتعزيز الاستثمار. وتشمل قائمة هذه المشاريع: (مشروع البحر الأحمر السياحي العالمي)، و(مشروع الفيصلية)، و(مدينة القدية) «أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية في المملكة»، و(مدينة الملك عبدالله الاقتصادية)، و(مركز الملك عبدالله المالي) الذي سيكون منطقة معفاة من التأشيرات، وترتبط بقطار مباشرةً مع المطار، وسيُشكِّل محورًا لصناعة خدمات المال والأعمال في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، ومقرًا لأكبر الشركات العالمية. و(مدينة المعرفة الاقتصادية) التي تقع داخل منطقة المدينة المنورة. و(مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية) التي تقع بين المنطقة الوسطى ومنطقة الحدود الشمالية، وتبعد 8 كيلومترات من مدينة حائل، ويمكن الوصول لها بالطيران من 11 عاصمة عربية في حدود الساعة.

ويعد هذا ملخص مشاريع التنمية الحضرية المستدامة طبقًا لرؤية المملكة 2030، والتي باكتمالها ستصبح المملكة في مصاف دول العالم الأول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store