Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

مطبخي.. سعادتي

A A
‏لقد كان لمشروع (بناء الإنسان وتنمية المكان) الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، قبل أكثر من عقد ونصف من الزمان أثر كبير في تطوير المنطقة، بخلق الكثير من المبادرات الاجتماعية، وتعزيز الدور الاجتماعي في الأحياء السكنية، ومنها مشروع: (جمعية مراكز الأحياء)، والتي انتشرت في جميع محافظات المنطقة، ومنها مكة المكرمة وجدة والطائف.

ولقد كان لإنشاء تلك الجمعيات أثر على جودة الحياة، وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان، وتأهيل الكفاءات البشرية وتدريبها استناداً على قِيَم التعاون، والتكافل، والتكامل، والإتقان، والمسؤولية. وكان من أهم أهدافها: «العمل على نشر الوعي السليم والأخلاق الفاضلة بين كافة أفراد الحي ومن ثم المجتمع، والمساهمة الفعالة في البناء الأسري، والقدرة على الحد من المشكلات الاجتماعية، والقضاء على أوقات الفراغ واستثمارها بالنشاطات التي تعود بالنفع على المجتمع»، والمستهدفون هم كافة شرائح المجتمع من أطفال، وشباب، وفتيات، ونساء، وأصحاب الهمم.

وفعلاً، وخلال الأعوام السابقة، شاهدنا نشاطات غير مسبوقة على مستوى الأحياء، وتنافس شريف في تحقيق الأهداف، وكل مركز يتلمس احتياجات سكان الحي، وما يحقق لهم من الأمن الاجتماعي، والأمن الصحي، والأمن الغذائي. وتطلق المبادرات الاجتماعية من رجال وسيدات عملوا في تلك المراكز من أجل الوطن، وتقديم الغالي والنفيس من جهد، ومال، ووقت، وخبرات؛ ففي مكة لوحدها أكثر من أحد عشر مركزاً لأحياء مكة المكرمة، يعمل فيها المخلصون من أبناء البلد الحرام في برامج متنوعة تقوم على التطوع، وبرامج التمكين، والتواصل والتثقيف والخدمات الاجتماعية.

وقد سرَّني جداً دعوتي من (مركز حي العزيزية بمكة المكرمة)، لحضور مبادرة: (مطبخي.. سعادتي)، وهي مبادرة بالتعاون والشراكة مع مؤسسة عبدالعزيز بن عبدالله الجميح، ومركز (هن) الاجتماعي؛ وتهدف إلى تأهيل مجموعة من الفتيات المكيات (١٠٠ فتاة) من ذوات الدخل المحدود، وتمكينهن من مهارات الطهي للدخول لسوق العمل، وبناء مشروعات خاصة بهن تُحقِّق الاستقلال المالي لهن. وهذا المشروع حقيقةً مشروع ناجح بكل المقاييس لتنمية الأسر المنتجة، وإزالة الفقر والعوز والحاجة عنها، إلى التمكين والتنمية المستدامة الذي يُحقِّق أهدافاً كبرى في الاعتماد على الذات، بدلاً من مد اليد للسؤال.. وهو مبدأ إسلامي عظيم، كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يسأل حاجته فأعطاه فأساً، وقال له: «اذهب فاحتطب»؛ بمعنى الحث على العمل الشريف مهما كان بسيطاً، بدلاً من مد اليد للآخرين.. ويُركِّز البرنامج على هذا المبدأ الإسلامي، والسعي لتعزيز كرامة ذوات الدخل المحدود، وتمكين الفتيات من مهارات تعينهن على وظائف في سوق العمل.

وحتماً كل ذلك يعمل على تنمية الناتج المحلي لمكة المكرمة، وإنعاش الاقتصاد الوطني عموماً حسب رؤية ٢٠٣٠م.

كما أن للشراكة المجتمعية دوراً كبيراً في هذا المشروع الاجتماعي - الاقتصادي، فيدٌ واحدة لا تُصفِّق..! وهذا المشروع اشتمل على شراكات متنوعة من بنك التنمية الاجتماعية، ومركز التنمية الاجتماعية، وصندوق الموارد البشرية، ووقف العتيق، وهيئة فنون الطهي، وفندق (إم ملينيوم مكة)، وجميعها تعمل من أجل بناء المهارات والقدرات للفتيات، وبعوائد مالية مجدية.. حيث يحتضن فندق (إم ملينيوم مكة) المبادرة، وتدريب السيدات على الطهي، وتستهدف المرحلة الأولى 20 متدربة، يتم عمل تقييم مرحلي لأداء الفتيات، وينتهي التدريب بالتوظيف في الفندق، لتوفير موائد متنوعة من كافة أنحاء العالم، بالإضافة إلى الأطباق السعودية، وخاصة في موسمي رمضان والحج لضيوف الرحمن، لتكون صناعة الضيافة من الأهداف القيّمة التي تُظهر لضيوف الرحمن ثقافتنا السعودية، والمستوى الاجتماعي الراقي الذي وصلنا إليه.

ما أتمناه هو أن تتضمن الدورات التدريبية فنون وإتيكيت تقديم الأطعمة والآداب الإسلامية في الاستقبال والضيافة، وأن يكون هناك جانب عدم هدر الموارد الغذائية أثناء إعداد الوجبات، وكذلك الاهتمام بمستوى السعرات الحرارية المنخفضة والمقننة، خاصة لمن يخضعون لنظام غذائي صارم.

وأن تكوّن شراكات أيضاً مع جمعيات حفظ النعمة لتدريب المستفيدات على أساليب الحفظ والتغليف بطرقٍ احترافية تُحافظ على الطعام بصورةٍ جيدة، حتى تقديمه للمستحقين. وأخيراً، هل من الممكن توفير دورات مماثلة للشباب؟.. فالكثير منهم لديه عشق كبير لفنون الطهي، ولو تُتاح لهم الفرصة لأبدعوا في المجال، وبذلك نقضي أيضاً على جزء من بطالة الشباب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store