Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

«الجينوم» مركز عالمي في جامعة المؤسس

A A
في احتفائية علمية فريدة من نوعها احتفى مركز التميز البحثي في علوم الجينوم الطبي بمرور عشرين عامًا على انشاءه، وكان لي شرف أنني كنت عضوًا في أول مجلس إدارة له عند تأسيسه وبداية نشأته، والحقيقة التي يعرفها معظم غير المتخصصين أن كلمة جينوم تعني المادة الوراثية لأي خلية سواء خلية بشرية أو حيوانية أو نباتية أو الكائنات الاحيائية الدقيقة، وأن هذه المادة الوراثية تسكن في النواة على شكل كرموزومات يمكن فتلها إلى جينات.

أما الذي لا يعرف تفاصيله إلا المتخصصون هو أن الأبحاث والدراسات التي لها علاقة بالجينات والجينوم تعددت فهناك الجينوم البشري الذي تمكن حوالى 58 عالمًا من فك رموزه بما عرف خريطة الجينوم البشري وهناك الجينوم الطبي الذي له علاقة بأمراض السرطان والجينوم الذي له علاقة بالأعصاب والجينوم الذي له علاقة بأمراض التشوهات الخلقية في الأجنة، وحديثًا هناك تركيزًا على جينوم الخلايا الجذعية، هذا غير جينوم الأنواع المختلفة والسلالات المتنوعة من الحيوانات وجينوم النباتات وجينوم البكتيريا والفيروسات، لذلك فان الباحث والعالم المتخصص يتضح له معنى قوله تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) لأنه لم يعد يدرك من العلم إلا تخصصه الدقيق جدًا جدًا.

نعود لمركز التميز البحثي في علوم الجينوم الطبي الذي أسسه أساتذة سعوديون مثلوا بتعاونهم إنشاء مراكز أخرى لحقت به بعد ذلك (جيناتي، الابتكار في الطب الشخصي، رؤية الطبية) وذلك بدعم كبير وسخي من الدولة -حفظها الله- عبر وزارة التعليم ومدينة الملك عبدالعزيز وغيرها من الجهات الداعمة.

لقد تمثل تعاون الزملاء الأساتذة الدكاترة محمد القحطاني وعادل أبوزنادة وعديل شودري وممدوح قاري في تحقيق تلك المراكز ذات الصلة بالجينات والجينوم، ومع أن كل واحد منهم متميز في عطائه وتخصصه إلا أن روح التعاضد فيما بينهم حققت ذلك ويعتبر نموذجًا يحتذى به لمن يريدون أن يشدوا بعضهم ببعض، فهم اليوم شركاء وأصحاب منجز وبينهم ثمرة شراكة.

وكأكاديمي وقريب من التخصص أستطيع القول: إن هذه المراكز تمثل قمة التقنيات عالميًا في البحث العلمي والتشخيص الجيني الدقيق والطرق الحديثة على المستوى الخلوي والجزيئي، ومع كل الإنجازات التي تحققت يبقى القول: إن أعظم إنجاز لتلك المراكز هو تكوين كوادر سعودية شابة من الجنسين على مستوى عال من فهم التقنيات الجينية الحديثة ويتعاملون معها وكأنهم جينات داخل الخلايا فذلك يبقى هو المستوى الكبير للإنجاز، والفرصة متاحة كما أخبرني البروفيسور محمد القحطاني مدير المركز ومؤسسه وباعث أفكاره بأن يتحول مركز التميز لأبحاث الجينوم إلى معهد يمنح دبلومات عالية ودرجات الماجستير والدكتوراة ولا ننسى أن الدعم الأكاديمي من الأقسام العلمية ذات العلاقة كان لها دور كبير في هذا المنجز خاصة طلاب وطالبات الدراسات العليا في الأقسام العلمية التخصصية في كلية العلوم وكليتي الطب والعلوم الطبية، وكذا الأطباء الذين ساعدوا في المشاركات البحثية وتوفير العينات البحثية للحالات المرضية.

إن جامعة الملك عبدالعزيز بها العديد من المراكز البحثية وعلى مستوى عال من الحضور العالمي لذلك كان قرارًا حكيمًا أن اتخذت إدارة الجامعة إنشاء إدارة متخصصة تضم جميع هذه المراكز في حديقة علمية كبيرة تتكون لتكون أكثر إزهارًا وإثمارًا وذات بهجة في الساحات العلمية المحلية والعالمية (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store