الحصين.. ما بعد الموت!!

يقول الشاعر:

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها

فالذكرُ للإنسان عمر ثانِ..

يُقدِّم الرجل المسؤول في حياته ما يُذكِّر الإنسان به بعد مماته.. إن كان خيراً، يلقى الدعاء والثناء والذكر الحسن.. وإن كان غير ذلك، فنحن مجتمع مسلم نؤمن بأن الميت عند ربه، وهو مَن يُحاسبه، ونكتفي بذِكر محاسن موتانا، البعض يموت فيُنسَى، والبعض يموت فيَبقَى وتَبقَى إنجازاته، تحمل الكثير من ذكرياته.

البعض يموت أيضاً واقفاً، بتركه المكان والمسؤولية، وبعد ذلك ربما مدير مكتبه لا يسأل عنه، فكيف بمَن كان من المفروض أن يخدمهم كمسؤول، ليكون على الأقل هناك مَن يعزمه على فنجال شاي؟!.

مدينتي، وربما حق عليَّ كأحد أبنائها ممَّن عاش وتمتَّع بجمال مدينة المصطفى، وجوار الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- شباباً نتذكَّر كل مراحل تطوير المدينة، وعمارة المسجد النبوي الشريف، ورعاية حكومتنا الرشيدة للمدينة المنورة، حتى أصبحت روحانية المكان وتطور العمران أول اهتماماتها، لراحة المواطن والمقيم والزائر.

اليوم، ربما حقٌّ على قلمي تذكُّر أحد رجالات طيبة، ممن يكتب عنه التاريخ، رغم أنني لم تربطني به أي علاقة يوماً ما، ولم يسبق أن التقيتُ به كمسؤول أو كانت لديَّ حاجة عنده، فقد كنا بوادٍ، وهو بوادٍ آخر، كنا مشغولين بكرة القدم نتدحرج خلفها، وهو يخطط وينفذ توجيهات الدولة، وأمراء المنطقة، وتوسعة الملك فهد للمسجد النبوي الشريف.. والتاريخ والوفاء يحتم علينا أن نذكره، ونترحم عليه بعد الموت، ونُذكِّر الأجيال برجلٍ اختلف البعض حوله، ولكن اتفق الجميع على أنه خدم طيبة الطيبة بكل إخلاصٍ وتفانٍ على مدى أكثر من ربع قرن، كأمين لمنطقة المدينة المنورة، وقبلها كمهندس بالنقل، أشرف من خلالها على طريق الهجرة، الواصل بين مكة وجدة والمدينة المنورة.. إنجازات ضخمة تُحسَب للمهندس عبدالعزيز الحصين، أمين منطقة المدينة المنورة.

*****

* موجز:

«المهندس الحصين» بعد تخرُّجه من كلية الهندسة الميدانية، عمل في وزارة النقل (المواصلات سابقاً) لمدة 14 عامًا، ثم انتقل إلى أمانة المدينة المنورة، واستمر فيها لمدة طويلة حتى تقاعد عام 2011 ميلادي، واشتُهر في حياته المهنية بحبِّه للدراسة والتخطيط، ووضع الإستراتيجيات التنموية الناجحة.

«المهندس الحصين» ثالث أمين للمدينة المنورة، خدم القطاع البلدي في طيبة الطيبة بكل مسؤولية وأمانة، وكان قد تولى قبلها مهمة إنشاء طريق الهجرة الرابط بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، رحم الله المهندس عبدالعزيز وأسكنه فسيح الجنان.