Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

«موهبة».. من الازدراء إلى الارتقاء!

A A
كل ما حولك من منجزات العصر وتقنياته ما جاءت -بعد فضل الله- إلا نتيجة موهبة فطرية إلهية في الإنسان، هذه الموهبة تتمثل في عقول سبقت غيرها بأفكارها العبقرية؛ التي أخرجت لنا هذه المنجزات العصرية التي جعلتنا في موقف الدهشة والانبهار. يأتي موقع (موضوع) على الشبكة فيُعرِّف الموهبة بأنها «مجموعة القدرات الذهنية والأدائيَّة التي يحوزها الشخص، بحيث تُمكِّنه من التميُّز والتفوُّق في مجالٍ ما».

الأمر الذي ينبغي الانتباه له هو أن الموهبة لا تتوقف على فئة معينة من البشر، ولا يمكن حصرها في مجال محدد؛ وإنما هي فطرة إلهية قد تكون حتى فيمن نظنه متخلفًا دراسيًّا، ولذلك رأينا نماذج لعباقرة ومخترعين كانوا بمنظور التعليم التقليدي متأخرين دراسيًّا، ما جعلهم يُغادرون مقاعد الدراسة سريعًا إلى عوالم أرحب ظهرت فيها مواهبهم، ونمت وتفتقت عن مخترعات لم يُسبَقوا إليها. ولأن الموهبة وحدها لن تُثمر، وتأتي بالنتائج المأمولة منها ما لم تجد العناية والرعاية من الشخص الموهوب نفسه، وممَّن هم حوله، لذا جاءت المبادرة النبيلة قبل عقدين من الزمان من الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله -أمير منطقة الرياض حينها- الذي قدَّم مبادرته القاضية -بحسب موقع موهبة على الشبكة- بـ»تأسيس كيان يُعنى برعاية الموهوبين... والذي كان بفضل الله ثم بفضل مبادرة مقامه الكريم انطلاق نواة التأسيس، وصولًا إلى تشرفها بحمل اسم الملك المؤسس للسعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ورجاله؛ ليكون تأسيسها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بتاريخ (١٣/ ٥/ ١٤٢٠هـ)، وكان أول من ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ تأسيسها حتى وفاته -رحمه الله- لتُثبت هذه النظرة الثاقبة والبعيدة المدى أن قيادة المملكة العربية السعودية الرشيدة تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين، كونهم الرافد الأهم لازدهار الأوطان، والقادرين على تشكيل آفاق مستقبلية جديدة لخدمة البشرية جمعاء».

ومع سمو الغايات لمؤسسة موهبة ونُبل الأهداف إلا أن المؤسسة -كحال المستجِدات- لم تجد القبول لدى بعض المنتسبين للميدان التربوي، ولم يصل أولئك المنتسبون لدرجة الاقتناع بأهميتها ومخرجاتها المنتظرة، ومع هذا سارت بخطواتٍ واثقة، مع أن الجو العام في المؤسسات التعليمية -وفي المجتمع عمومًا- لم يكن ليتكيف سريعًا مع أمر لم يعهده، خصوصًا وهذا الأمر لا يركن للأساليب التقليدية المعهودة. مؤسسة موهبة لم تدخر جهدًا في رعاية الموهوبين ودعمهم وفق خطة تتميز (بالشمولية والتتابع والتركيز) في المجالات خاصة العلمية والتقنية، فنراها تُخضِع آلاف الطلاب والطالبات سنويًّا للبرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين -بالتعاون مع وزارة التعليم- الذي يتم من خلاله فرز الطلاب والطالبات وتحديد أفضل العقول وعمل قاعدة بيانات لهم.

الشاهد في الأمر أن مؤسسة «موهبة» كبرت ونالت التقدير والاعتراف، وخاصة ممن لم يكن على قناعة بها، وحققت جوائز وأرقامًا مميزة في مسابقات دولية عديدة؛ ومنها فوز منتخب المملكة للموهوبين والموهوبات بالمركز الثاني من بين (٦٤) دولة في المعرض الدولي للعلوم والهندسة #آيسف_٢٠٢٢، ليُضاف للجوائز التي حققتها المؤسسة التي بحسب موقعها «حصل طلاب المملكة على (٣٩٧) ميدالية وجائزة في المسابقات العلمية الدولية، كما طور الطلبة أكثر من (١٦٠٠٠) فكرة، وحصلوا على (١٥) براءة اختراع، وقُبل أكثر من (١٠٠٠) طالب وطالبة في أفضل (٥٠) جامعة دولية مرموقة». وماتزال موهبة تسير في منحنى تصاعدي يتماهى مع مستجدات العصر ومستهدفات رؤية المملكة (٢٠٣٠)؛ إيمانًا بأهمية الموهبة والاستثمار فيها الذي هو في المقام الأول استثمار في العقول الذكية. فشكرًا لمن يقف خلف هذه المؤسسة الفريدة ولمن يمثلها وللمنتمين لها من المشرفين والمعلمين والطلاب والطالبات، ولكل من جعلها تتخطى (مرحلة الازدراء) لتحط في (معارج الارتقاء).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store