Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

نظرية الاستعمار الإلكتروني

A A
الاستعمار التقليدي جاء نتيجة للثورة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وتلاشى هذا الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية، ومن أمثلته الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي لبعض الدول، وكان قائماً على أساليب الإخضاع الشامل -باستخدام القوة والحملات العسكرية- لأجل الهيمنة على تلك الشعوب المستعمرة، ونهب ثرواتها وخيراتها وجعل الأفراد خاضعين لمئات الطرق من الاستغلال، بواسطة وسائل التعليم الموجه والمنح الدارسية والتدريب والتوظيف ومنح فرص الإقامة والجنسية للموالين لفكرهم وتوجهاتهم الاستعمارية.

هناك أوجه كثيرة للاستعمار الحديث من بينها التحكم في أساليب التجارة الدولية والمنظمات الدولية والاقتصاد والأنشطة المالية الدولية...الخ. أحد النظريات الحديثة في الإعلام الدولي تتحدث عن الاستعمار الإلكتروني Electronic Colonialism Theory وهذا الاستعمار يركز على غسل العقول والتأثير في القيم والاتجاهات والثقافات والسلوكيات المختلفة لدى الشعوب النامية لتتقبل ما يصدر عن الدول المتفوقة معلوماتياً بدون تدقيق وانتقاء ما يصلح لحياتها وثقافتها المحلية وحاجاتها الاجتماعية، فالتحكم في التكنولوجيا والتقنية والفضاء السيبرائي وشبكات التلفزيون الدولي، ووسائل الاتصال والإعلام والإعلان بأشكاله العديدة نتج عنه ظهور شكل جديد من الاستعمار الالكتروني، وبالتالي فإن الدول الضعيفة سيتم توجيه أفرادها والتأثير على قيمهم وسلوكياتهم الاستهلاكية وأنماط حياتهم بأشكال عصرية تجعلهم تابعين لتلك الدول المتفوقة.

وإذا كانت وسائل الاتصال الإلكتروني قد ساهمت في تواصلنا مع الآخرين بكل سهولة ومعرفة ما يدور حولنا والاطلاع على الأحداث المتجددة في العالم فإن الخطورة تكمن في اختراق عقولنا وثقافتنا وهويتنا وحضارتنا الإسلامية بوجه عام، وقد يترتب على ذلك زرع الأمراض الاجتماعية والنفسية في النسيج الاجتماعي وجعله عرضة للتفكك والتبعية.

وقد قال ابن خلدون قديماً: «إن المغلوب يتأثر بالغالب في الحضارة»، وهذه العبارة تنطبق أيضاً على الأفكار والثقافة ووسائل الإعلام المختلفة، وعلى كليات الإعلام في جامعات البلاد العربية والإسلامية تدريس هذه النظرية والتوعية بآثارها وتطوير وسائل مقاومة هذا النوع من الاستعمار الإلكتروني.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store