Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

شبكة مياه «العرضيات».. مشروع روائي فاخر!

A A
يبدو أن فرحة أهالي محافظة العُرضيات -أقصى جنوب منطقة مكة- بالانتهاء من تنفيذ مشروع شبكة المياه المحلاة الأرضية في نمرة وما جاورها لن تكتمل؛ ومردُّ ذلك؛ عدم استكمال بقية متطلبات المشروع. هذا الأمر أصبح يؤرق الأهالي الذين لم يجدوا مبررًا للجهة المسؤولة عن التنفيذ، ولذا رفعوا مطالبهم -قبل حوالي سنتين- عبر هذه الصحيفة في التقرير المصوّر الذي جاء تحت عنوان: (في نمرة.. شبكة بدون خزان ولا محطة مياه!)، وفيه ذكروا أن الشبكة الأرضية في نمرة شبه مكتملة، لكنهم تساءلوا عن استكمال متطلباتها ممثلة في الخزان الذي وُعدت به نمرة بسعة (٣٥٠٠)م٣، وهو الخزان الذي كان مقررًا البدء فيه منتصف عام (٢٠١٨م)، وفي تحديد محطة التغذية، وفي تنفيذ الخطوط الرئيسة الواصلة بين شبكة نمرة ومحطة التغذية، وكانوا يتساءلون عن مصير أكثر من (٢٣) مليون ريال دُفِنَت تحت الأرض؛ هي قيمة مشروع الشبكة الأرضية في نمرة، في حال لم يتم استكمال هذه المتطلبات. مر على التقرير حوالي سنة، ثم جاءت جولة مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل على المحافظات الجنوبية لمكة المكرمة العام الماضي، وقد أُتيحت لي الفرصة للإفصاح لسموه عن بعض حقائق هذا المشروع، والتي يأتي في مقدمتها تعثُّر تنفيذ خزان نمرة وخزان ثريبان والخزان الإستراتيجي للمحافظة، يُضاف إلى ذلك أن المحطة المغذية للشبكة تضاربت الآراء حولها؛ فهناك من يقول إن المحطة المغذية هي محطة الشقيق، وهناك من قال إن محطة جديدة ستُنشأ في رأس محيسن شمال القنفذة ستكون هي المغذية للشبكة.

واليوم يكون قد مر على تنفيذ الشبكة الأرضية في نمرة قرابة السنتين، ولكنها كالرأس المقطوع عن جسده، وهذا يعني أن شبكة مياه نمرة ذهب من عمرها الافتراضي قرابة السنتين دون الاستفادة منها؛ فلا خزان نمرة أُنشئ، ولا الخزان الإستراتيجي للمحافظة أُنشئ، ولا خزان ثريبان أُنشئ، ولا محطة التغذية تم تعيينها، ولا محطة رأس محيسن تم البدء فيها، ولا خطوط النقل تحدِّد مسارها، ولا تم البدء فيها، ما يعني أن العمل في المشروع بدأ من نهايته، ولم يتم التدرُّج فيه عبر مراحله الطبيعية، وهذا يشي بأن بقاء الشبكة الأرضية في نمرة دون تفعيل ودون أن تجري المياه في أنابيبها؛ سيطول، وأن هذه الشبكة ربما تتحوَّل إلى مساكن فاخرة للحيات والهوام ودواب الأرض؛ تقيها سموم الصيف وبرد الشتاء.

الكرة في ملعب شركة المياه الوطنية، وملعب المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والمأمول منهما أن يكشفا السر وراء هذا التأخير غير المبرر، خصوصًا في مسألة إنشاء الخزانات التي لو قام عليها أحد مقاولي المحافظة لأنجزها في وقت قياسي، فكيف تعجز عنها شركة عملاقة؟، أما مسألة محطة التغذية وخطوط النقل؛ فهذه قضية تحتاج إلى (الدعاء) بأن ترسو على بَر الحقيقة؛ لأن المؤشرات تقول بأن التنفيذ قد يحتاج لسنوات ضوئية، وهو ما يجعلنا نتمنى لو أن الـ(٢٣) مليونًا صُرفت على مشروع ظاهر يُستفاد منه؛ بدلًا من دفنها تحت الأرض، وانتفاء الانتفاع منها. أما تنفيذ شبكة مياه نمرة الأرضية (قبل تعيين محطة التغذية وقبل تمديد خطوط النقل وقبل إنشاء الخزانات)؛ فهذه تصلح أن يكون مشروعًا روائيًّا فاخرًا، ربما يقتنصه أحد الروائيين ويَخرج لنا منه برواية ثالثة تُضاف لروايتَي (براري الحُمَّى، والطريق إلى بلحارث)، اللتين كُتبت فصولهما -قبل نصف قرن- من وحي محافظة العرضيات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store