Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

اقتصادنا والعالم

A A
يمر الاقتصاد العالمي بضغوط تضخمية مختلفة، وخاصة في الاقتصاد الأمريكي، الوضع الذي يُجبر الحكومات على اتخاذ خطوات تُحجِّم النمو وتدفع نحو الركود لمعالجة التضخم وتخفيضه من زاوية رفع أسعار الفائدة فيها. والتوقعات الحالية تشير إلى أن هناك ضغوطاً مستمرة لرفع سعر الفائدة. الأمر الذي سيؤثر عالمياً على سعر الفائدة ويرفعه، ويُدخِل عددا من الاقتصاديات في دائرة الركود والكساد، الأمر الذي سيؤثر على أسواق الطاقة والمواد الخام، وسيؤدي إلى تراجع الطلب عليها، وبالتالي الضغط على أسعارها في الأسواق العالمية.

وفي نفس الوقت، هناك اقتصاديات خارج أوروبا وأمريكا، كالصين وروسيا والبرازيل والهند، وبعض دول الشرق الأوسط كالسعودية وتركيا، لا تمر بنفس الضغوط والظروف في أوروبا وأمريكا. بل وتعيش في حقبة إيجابية من زاوية النمو الاقتصادي وتحسُّن الظروف، نتيجة توفر محفزات النمو. ولكن في ضوء هيمنة الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الفائدة، واتساع الأسواق الأوروبية والأمريكية؛ واستحواذها على جزء كبير من الطلب العالمي والقدرة الشرائية لابد أن تتأثر هذه الدول سلباً، وتتراجع مستويات النمو فيها حسب قدرة اقتصادها المحلي في مقاومة المحفزات السلبية.

وبالنسبة لنا في السعودية، نتعرض حالياً لضغوط الاقتصاد العالمي، نتيجة لتراجع الطلب على أسعار الطاقة، مما يؤثر على الدخل الاقتصادي. كما أن الضغوط الداخلية لأسعار الفائدة نتيجة لاستمرار الارتباط بالدولار ستُؤثِّر على الطلب المحلي وعلى القطاع الخاص. وستجد البنوك نفسها أمام ضغوط مستقبلية أكبر أمام ارتفاع نسبة عدم القدرة على السداد (default)، وخاصة في قطاع الإسكان. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استمرار تراجع دخل الدولة من الضرائب، نتيجة لتراجع الزخم الاقتصادي على مستوى الفرد والشركات. ولكن مع وجود برامج حكومية ضخمة وإنفاق حكومي، سنجد أن التراجع في الضرائب والنمو الاقتصادي محدوداً. فالإنفاق الحكومي سيسهم في دفع النمو الاقتصادي لتعويض المحفزات السلبية. واستمرار البرامج الحكومية أمر وارد حتى في ظل تراجع دخل الدولة، والذي يمكن تمويله من خلال الاقتراض الحكومي، وربما سنشهد فترة من العجز في الموازنة، ويعتمد ذلك على تنفيذ البرامج الحكومية وفترات التنفيذ. أي حجم ونمط الإنفاق، والذي لن يتراجع كثيراً بسبب وجود برامج وخطط لا تحتمل التأخير في ظل رؤية ٢٠٣٠.

فهل سيُقلِّل الإنفاق الحكومي من التأثير السلبي للاقتصاد العالمي، وسيدفع عجلة النمو في الاستمرار والارتفاع؟.

الأيام القادمة ستكشف لنا مدى التأثير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store