Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

العنصر البشري.. في ميزان المعادلة التقنية

شذرات

A A
حرصت الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات أن تكون خير معين على تنفيذ مبادرات منظمة الأمم المتحدة، وكان من بينها المؤتمر الشهير الذي عقدته المنظمة في جنيف عام 1963م تحت عنوان: "العلم والتكنولوجيا وتطبيقهما" لصالح الدول النامية.

وتعود أهمية ذلك المؤتمر إلى ضخامة الجهود التي بذلتها مختلف دوائر الأمم المتحدة للتحضير لهذا المؤتمر، والذي أُطلق عليه فيما بعد: "مؤتمر القرن"، ويُعد حدثاً خطيراً في تلك الفترة التي تنحصر بين الأعوام 1961 -1970م، وسُمي أيضاً "عقد الإنماء".

ومما يُروى في هذا الشأن؛ أن التفكير في عقد هذا المؤتمر بدأ منذ عهد السكرتير العام الراحل (داج همرشولد)، إلى أن انتهى التفكير والتخطيط له في الفترة المشار إليها في عهد السيد (يو ثانت)، السكرتير الأسبق لهذه المنظمة العالمية الكبرى.

كانت هذه المنظمة تواجه تحدياً آنذاك، وهذا التحدي يمثل مجموعة أقطار العالم، ووفقاً لإحصائية هيئة الأمم نفسها، فإن العُشر من سكان العالم يتمتعون بـ 60% من مجموع الدخل العالمي، بينما 57% منهم يملكون أقل من 10%.

وهذه الإحصائيات في وقتنا الحاضر قد تبدَّلت نحو الأسوأ، وهذا ما جعل هيئة الأمم المتحدة تستشعر دورها الإيجابي نحو مختلف أصقاع العالم آنذاك، حتى لا نصل إلى ما وصلنا إليه، ومن بينه الدور الضعيف الذي انتاب هيئة الأمم المتحدة منذ ثلاثة عقود تقريباً.

وعوداً إلى الوزن التاريخي والأهمية العلمية لذلك المؤتمر، الذي كان يعكس رياح التغيير القوية التي عصفت بأفكار البعض وتركيز الانتباه إلى ألوان الاختلاف المتزايد في مستويات المعيشة في كثير من أصقاع العالم، والأخطار التي تترتب على استمرارها، وبالتالي فليس غريباً أن نرى المؤتمر قد ضم صفوة علماء التكنولوجيا والاقتصاد، الذين يُمثِّلون المنظمات الحكومية وغير الحكومية.

كان جدول الأعمال زاخراً بالموضوعات التي تعالج مختلف مناحي الاقتصاد والصناعة والزراعة، والصحة العامة والقوى البشرية والتربية والتعليم.

لقد أتاح هذا المؤتمر الفرصة لمعرفة ما عمله الآخرون، واكتشاف ألوان المعرفة، وما أحرزه العلم والتكنولوجيا في مجالات عدة، فضلاً عن إتاحة الفرصة للدول الأكثر تقدماً مع الدول الأقل تقدماً لتبادل الخبرات.

ولعل من أهم ما تم طرحه -من وجهة نظري- هي أنظمة جديدة للتدريب المهني وتدريب الموظفين والفنيين، ووضع البرامج المختصة للتدريب في الجامعات والمعاهد الفنية.

وهذه الموضوعات كانت وما زالت من أهم الموضوعات شأناً وأكثرها خطراً ووزناً، فالعنصر البشري هو ركن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأية دولة، وأي تقدم تقني افتراضي لا بد أن يُصاحبه تدريب الكوادر حتى قبل الشروع فيه.

هناك محاولات جادة لتوطين الصناعات المختلفة في وطننا الغالي، العسكرية وغيرها، ويحدونا الأمل أن لا تتسارع مجالات التقدم التقني والرقمي دون أن يصحب ذلك تزويد العنصر البشري بالبرامج المعدة سلفاً من تهيئة وتدريب، لتسير القفزات جنباً الى جنب وفق خطة وطنية محكمة، وبالله التوفيق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store