Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الطعام بين التخمة و النظام

A A
الفاكهة للتفكُّه وليست وجبة طعام تملأ المعدة، وتربك عمليَّة الهضم.. يتناول اليابانيون قطعًا صغيرة من فاكهة الموسم في أطباق لا تتجاوز مساحة الواحد منها صحن فنجان الشاي.. تقطَّع حبَّة الفاكهة كالتفاح أو البرتقال وسواهما في الغالب قطعًا صغيرة.. أمَّا العنب فحبَّتان، تُنزع منهما البذور، وتزال القشرة، وتقسَّم الحبَّة إلى قسمين.. وتقدَّم حبَّة الفراولة على شكل فراشة.. والبطيخ الأحمر والأصفر يقدَّم قطعًا بحجم الأصبع على طبق كلوحة فنيَّة تشبع العين من رؤيتها قبل الفم من مذاقها.

يفضِّل اليابانيُّون فاكهة بلدهم مهما ارتفع سعرها على سواها المستوردة مهما رخص سعرها، حفاظًا على المساحات الخضراء في بلدهم، وضمانًا للأمن الغذائي، وتفاديًا من تحوُّل المزارع إلى مبان اسمنتيَّة.

في مقابل ترشيد الاستهلاك عند اليابانيِّين، يسرف العديد من أهل بلدنا والبلدان المجاورة عند تقديم الفاكهة لضيوفهم وفي الحفلات والمناسبات خاصة بكميَّات كبيرة كما لو كانت ستعرض في الأسواق للبيع.. والحال ذاته مع أطباق السلطة من خيار وبندورة وخس وليمون وتشكيلة من الفلفل الرومي متعدِّد الألوان والمذاقات، والبقول الخضراء كالبقدونس والجرجير والنعناع، تقدم عشوائيًّا لتعود إلى المطبخ كما خرجت منه.

أما وجبات الطعام، فحدِّث ولا حرج.. فالتباسي من خراف وأرز وكبسات وإيدامات إلى أطباق من الركن الصيني والركن الإيطالي والسوشي والساشيمي من الركن الياباني.. وأرز الزربيان، ومطبَّق مالح وحلو من المطبخ اليمني، بجانب سيخ الشاورما بالدجاج أو اللحم من المطبخ الشامي اللبناني، وأنواع عديدة من الكبَّة والمشويات، تقدَّم جميعها على المائدة بكميَّات إكرامًا للضيف.. (وأَمَّا بِنعمةِ ربِّك فحدِّث).. ورحم الله أيَّام كنَّا نولم فيها على تبسي سليق بالدجاج وقارورة ماء وبرتقالة وموزة وفنجان شاي بالنعناع.. ولا جود إلَّا من الموجود!

ومع كلِّ ما نتمتَّع به من خيرات أفاض الله بها علينا، فلنتذكَّر قوله جلَّ وتعالى: ﴿وَلَا تَغْلُلْ يَدَكَ إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store