Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

لا هنت يا راس الرجاجيل لا هنت

A A
يوافق يوم 25 مارس من كل عام ذكرى استشهاد الملك فيصل رحمه الله، في هذه المقالة اتناول القصيدة التي كتبها الأمير خالد الفيصل في رثاء والده، ولا أزعم بأني سأدرك كل ما عبر عنه من مشاعر وأحاسيس نتيجة هذه الفاجعة، ولا أستطيع ذكر كامل القصيدة لأن مساحة المقال وطبيعته محدودة، والقصيدة موجودة في اليوتيوب بصوت الأمير لكني -بفهمي المتواضع- توقفت عند بعض أبياتها التي لامست مشاعري، حيث قال:

لا هنت يا راس الرجاجيل لا هنت

لا هان راس في ثرى العود مدفون

والله ما حطك بالقبر لكن آمنت

باللي جعل دفن المسلمين مسنون

منزلك يا عز الشرف لو تمكنت

فوق النجوم اللي تعلت على الكون

فالأبيات السابقة توضح حب واعتزاز الأمير خالد بوالده ومكانته الرفيعة في نفسه، فهو "راس الرجاجيل"، ولا يريد دفنه لولا ان ذلك سنة المسلمين، وأن مكانته السامية عنده "فوق النجوم التي تعلت على الكون"، ثم يتحدث عن بعض صفات هذا الإنسان العظيم:

صنت العهد يا وافي العهد ما خنت

علمتهم وشلون الأشراف يوفون

كم ظالمن عاداك واعفيت واحسنت

واخلفت ظن جموع ناسن يظنون

إلى أن يختم القصيدة قائلاً:

لو شفت حال الناس عقبك تبينت

مقدار حب الناس للي يودون

مما بقلبي قلت: يا بوي لا هنت

والا انت فوق القول مهما يقولون

كلنا يتذكر حالة الحزن التي أصابت الناس بعد سماعهم نبأ استشهاد الملك فيصل، هذا الحب كان عفوياً وصادقاً لأنهم لمسوا آثار أفعاله وأقواله في حياتهم، لا ننسى أيضاً أن الملك فيصل كان رائداً للتضامن الإسلامي وله جهوده في توحيد صف الأمة الإسلامية آنذاك، وكانت الصدمة كبيرة في أرجاء العالم الإسلامي، وقام بعض الناس بمهاجمة السفارات الأمريكية في بعض العواصم الإسلامية ظناً منهم أن أمريكا لها دور في ذلك بسبب حظر النفط، وأذكر -بهذا الصدد- شهادة الأمير تركي الفيصل في برنامج الصندوق الأسود: بأنه لم يثبت للجنة التحقيق التي شكلت -وهو أحد أعضائها- أن لأي جهة خارجية علاقة باغتيال الملك فيصل.

وذكر الدكتور عبدالله النفيسي الأستاذ بجامعة الكويت: أنه لم يتكرر في تاريخ الجزيرة العربية الحديث زعيم له موقف مثل موقف الملك فيصل أثناء حظر النفط سنة 1974م، وهذا الموقف الحازم جعل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك يركب الطائرة ويأتي للرياض لمقابلته لأجل إقناعه برفع الحظر، ويستطرد النفيسي: لم أر وجه كيسنجر ذليلاً مثل ذله أثناء لقائه بالفيصل، وكان جالساً على يمينه وهو لا يبالي به.. الصورة التي يقصدها موجودة على قوقل، ولغة جسد الملك تعكس شموخه وإباءه وعلو همته وانصرافه عن النظر في كيسنجر.

في كلمة مشهورة للملك فيصل قال رحمه الله: "نحن لا نرغب في حظر البترول ضد أحد وأرجو ألا تضطرنا الظروف مرة أخرى لعمل شيء لا نرغبه"، عاش الملك فيصل بطلاً ومات بطلاً ولا يزال الناس يتذكرون مواقفه، والذكر للإنسان عمر ثاني..

هذه سنن الله في خلقه ولا يوجد مخلوق خالدٌ في هذا الكون للأبد، ولكن القادة العظام يفعلون ما يمليه عليهم ضميرهم والدفاع عن مصالح أمتهم ويمضون في طريقهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store