لا تصدقهم في صديقك!!

الصداقة من أجمل الأمور في الحياة وأجمل الأصدقاء من كان معتقاً قديماً واستمر معك طول الحياة، تلمس فيه الصدق وتعيش معه المحبة وتجد فيه الوفاء، إن طلبته في المهمات وجدته، وإن استشرته في شيء أخلص لك فيه القول والعمل، وإن تركته تذكرك وسأل عنك، وإن غبت عنه افتقدك، وإن جالسته استمتعت ببساطة كلامه الخالص من القلب، وإن استأمنته على أهلك وأولادك كان خير أمين، كل ذلك في الصديق الوفي وأكثر، سواء كان جارًا أو زميل عمل أو دراسة تحبه من قلبك وقد يصل إلى مرحلة يكون شقيق روحك أو عديلها، سواء الصداقة كانت بين صديقين أو صديقتين.

وقد سأل ابن عباس يومًا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي جلسائنا خير يارسول الله؟ قال عليه السلام: هو ذلكم الذي يذكركم اللهَ رؤيتهُ ويزيد في علمكم منطقهُ ويذكركم الآخرةَ عمله.

إن من أساسيات الصداقة الناجحة أن تمتد لما بعد الحياة الدنيا، فالصديق الذي يخسّر صاحبه الآخر صداقته غير مربحة، فمن يذكّرك ما لربك وما عليك من حقوق هو من يلزمك مصادقته، وقد يكون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفيد من منطقه وهو ما يطرحه عليك من آراء ويوضح لك من معطيات الحياة وما تستشيره فيه، فالصديق بهذا الاعتبار أو الصديقة مع صديقتها بهذا الاعتبار وهذه التصورات هو من يجب أن تحرص عليه ومهما كان بينك وبينه من اختلافات أو حدث وتباعدت عنه بسبب تصور شيطاني يحثك فيه قرينك أو حظوظ النفس على أن تجافيه فإياك ثم إياك أن تصدق أحدًا فيه فهو منجم ذهب يريدك الغير أن تخسره، وعند الاختلاف والتباعد لأي مشكلة فإن من أصالة الصداقة أن لا تسمح لاي أحد أن يتجاوز حدوده فينال منه ليتحقق من خلال ذلك مآرب أخرى وتزيد من الهوة والبعد والتجافي فلا تصدقهم في صديقك فمن ينقل لك ينقل عنك، وأجمل شيء لإعادة لحمة الصداقة التكاشف والشفافية والمفاهمة على ما كان سببًا في الاختلاف ثم الاعتذار والعفو ومن بعدها تجديد كل معاني الصداقة والمحبة والأخوة لأن الصداقة غالية والمحبة سعرها ثمين، وقد جاء في الحديث القدسي الصحيح أن الله سبحانه وتعالى يوم القيامة يقول: «أين المتحابون فيّ أظلهم تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي» فاللهم اجعلنا منهم وعزز صداقة كل صديقين وأدم محبة كل حبيبن، وما أجمل أن يكون الزوجان صديقين وفيين لبعضهما فتكون الحياة زواج وصداقة.. والسؤال الذي يمكن أن يجاب عليه في مقال آخر هل أحد الزوجين يمكن أن يكون سببًا في ضياع الصداقة؟.