Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

صوت بلا ريح

صوت بلا ريح

A A
أفاق من نومه مستنكراً المكان والزمان، أزاح ستارة النافذة، كانت الشمس قد أكملت انبساطها،

صرخ: لماذا لم توقظيني قبل هذا الوقت؟

أسدلت رأسها وهي لاتعرف ماذا تقول له:

تداخلت أصوات الأيام الثلاثة الماضيات،

ورائحة بكاء وصمت كمنا داخل ضلوعه،

كان يمد للمعزين يداً متيبسة قلقة،

كان يقابل انفعالاتهم بمثلها،

كان يدور في فلك لا يصدقه.

بعد أيام العزاء المتشابهة كان لا يريد إلا النوم والالتجاء،

هكذا ظن أنه سيلقاهما بعد أن يفيق كان النوم يعانده وكان يظن النوم الذي لايجيء هو سبب كل تلك الأصوات الرخوة الموجعة وهو سبب كل ذلك الهدوء القاتل الذي قذفه بين تلك الأوهام التي أخافته ففزع منها إلى النوم،

لكن النوم الآن يحضر قوياً متسلطاً،

اندس في فراشه وسط ذهولها من كل ذلك الصمت الذي يتغشاه،

أكملت غطاء جسده وتركته يغوص في نومه.

التقاهما باسمتين مزهرتين،

بكى وضحك معاً،

بحث عنها كي يريها أن ابنتيهما لا زالتا موجودتين،

وأن الحادث لم يلتهمهما،

لكنه لم يجدها،

فراح ينعم بابنتيه طويلاً.

كانت الشمس تعلن انتصاف نهارهما الرابع،

لبس ثيابه متعجلاً،

سعدت رغم حزنها بوثوبه ونشاطه،

ساعدته في إكمال لباسه،

قالت له: إلى أين؟

ضحك متعجباً،

وقال كلمات غير مفهومة وخرج،

أعادت كلماته بتأن على مسامعها،

لم تصدق ظنها، لهجت بالبكاء مستندة على حائط بجانبها.

أمام تكدس سيارات السائقين الأجانب حاول أن يدس سيارته الصغيرة قريباً من البوابة الكبيرة للمدرسة،

صعقته أبواق السيارات المستنكرة،

أشاح بيديه لتهدئتهم،

نزل مسرعاً متجهاً إلى البوابة الكبيرة،

طالبات صغيرات يتلاحقن وأخريات يتمازحن،

يبتسم بحب ممسداً رؤوس من يلاصقنه.

الحارس ممسكاً بميكرفون ينادي وسط تلقفه الأسماء من أفواه السائقين الأجانب،

اندس بينهم حتى وصل إلى الحارس وقذف في سمعه أسماء طفلتيه.

تربص خروجها طويلاً لكنهما لم يخرجا،

قرب ثانية من الحارس وقذف في سمعه اسميهما بصوت أقوى وظل متربصاً متحفزاً وسط ذهول الحارس واستنكاره..

دخل منزله، لم يلتفت إلى صوتها المنادي،

أسرع إلى سريره وغاص في نومه ظاناً أنه سيوبخهما على تأخيرهما.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store