Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

أسامة شبكشي: عطاء ورجاء

A A
وفد إلى ربه يوم الجمعة الماضي معالي الأستاذ الدكتور أسامة عبدالمجيد شبكشي تاركًا خلفه سيرة عطرة تتسم بالعطاء وتنبض بالرجاء، تولى مناصب عديدة في الدولة فمنذ أن عاد من ألمانيا إلى أرض الوطن كطبيب التحق بجامعة الملك عبدالعزيز كعضو هيئة تدريس في كلية الطب وتدرج بالعمل الإداري فيها عميدًا للكلية ثم وكيلاً للجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي ثم مديرًا للجامعة وبعدها تعين وزيرًا للصحة لفترتين وآخر المطاف عمل سفيرًا للمملكة في ألمانيا.

وفي رحلته الإدارية تلك كان قمة في العطاء فهو شغوف ومحب للعمل، يبذل جهدًا كبيرًا فيه، بل إن وقته كله يكون للعمل، عرفته عن قرب عندما كان مديرًا لجامعة الملك عبدالعزيز وهي فترة لم تدم طويلاً حيث انتقل بعدها إلى وزارة الصحة فكان رحمه الله شديد الحماس لأداء العمل لذلك كان يأخذ الأمور بجدية مفرطة، وفيه خصلة تلمستها عنده وهي تعد من الأخلاق الحميدة وهو تقديره لمن يتصل به فعندما يتصل عليه أحد أو يُخبر أن فلانًا اتصل به سرعان ما يتصل به ولا يهمل اتصاله أبدًا بل يسعى لمقابلته ليعرف موضوعه، وقد تعاملت معه لفترة ليست بالطويلة فوجدت فيه حراكًا عمليًا منقطع النظير وقد بذل وقته ونفسه وصحته لوطنه وكان مثالاً للشخص المضحي بكل ما يملك من أجل تحقيق النجاح.

هذا عطاؤه رحمه الله، أما رجاؤه فتمثل بدعائه المستمر وروحانيته المتعلقة بالله خاصة في سنواته الأخيرة فهو دائم الرجاء بربه متمثلاً قوله تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا).. وكان رجاؤه الذي يتعهده دائمًا مع ربه منذ فترة طويلة بأن يصبره على فقد ابنه حيث فجع بوفاته في حادث مروري بالقرب من الجامعة وحاول بنفسه أن ينقذه في المستشفى ولكن روحه فاضت إلى خالقها بين يديه فاعتصر قلبه ألمًا عليه فقد كان أمله حيث إنه وحيده من الأبناء فتجرع الصبر راضيًا بقضاء الله وقدره راجيًا أن يصبره الله على فراقه.

أما رجاؤه الثاني من الله فكان دعاءه أن يصبره على ما ألم به من مرض في سنواته الأخيرة والذي كان سببًا في مزيد من قربه إلى ربه، ومن عرفه في أيامه الأخيرة عرف فيه الإقبال الصادق على ربه، وقد حدثني الدكتور عبدالله آل فرحان رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية المساجد أنه زاره في ألمانيا عندما كان سفيرًا حيث وجد فيه الإنسان المقبل على ربه ذكرًا وشكرًا وتبتلاً، ويقوم بنفسه في السفارة بالأذان والصلاة بالناس ويختلي بربه منغمسًا بذكره راجيًا رحمة ربه، ومع مرضه وتعبه -رحمه الله- كان شغوفًا بالقراءة وحب الاطلاع كسابق عهده قبل المرض وله أسلوبه في كتابة الخطابات، وإذا كتب مقالاً يوفيه حقه من الإبداع كما يرغب دائمًا أن يذيل ما يكتبه بعبارة الفقير إلى الله، وقد لقيته قبل أكثر من عام في إحدى المناسبات حدثني عن متابعته لما أكتبه وعندما تناقشه تجده -رحمه الله- متقد الذهن فهو حريص من يومه على القراءة والاطلاع وليس بذلك غريب منه فقد كان والده الأستاذ عبدالمجيد شبكشي -رحمه الله- من رجالات العلم والأدب والثقافة بل أسرة الشبكشي من الأسر الجداوية ذات السمعة الاجتماعية والعلمية.

رحم الله أستاذنا الدكتور أسامة رحمة واسعة وجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وعظم الله الأجر لأهله وأسرته. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store