Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

رمضان في الغربة

A A
رمضان في الغربة يكون مختلفاً بالتأكيد لافتقاد الأهل والأجواء الرمضانية التي أعتاد عليها المغترب، ولكن لا يبدو الأمر سلبياً من جميع جوانبه، صمته بعيداً عن الأهل أثناء وجودي في بريطانيا للدراسة، وتحديداً في مدينة (أبريست ويست) بمقاطعة ويلز.. كانت تجربة صعبة خاصة في السنة الأولى من البعثة عام 1987م.

لا يزال في الذاكرة عندما حدث لغط ، لتحديد بداية الشهر الكريم؛ فالطالب السعودي يرغب في الصيام حسب تقويم السعودية، والمصري حسب بدايته في مصر، وهكذا لبقية الجنسيات، وأذكر أنه تم التوافق بين الطلاب المسلمين على أن يكون بداية الصيام حسب توقيت أم القر ى.. صادف دخول شهر رمضان تلك السنة في فصل الصيف والذي يبدأ فيه الإمساك في الخامسة صباحاً وينتهي في التاسعة مساءً، بمعنى أننا كنا نصوم ثماني عشرة ساعة، لدرجة أننا بعد الإفطار نذهب لصلاة العشاء والتراويح في المكان الذي خصصته الجامعة لأداء الصلوات، وبعدها بساعتين تقريباً يبدأ الإمساك.

البرنامج اليومي يبدأ من الثامنة والنصف صباحاً بتوصيل الأبناء للمدرسة وسط المدينة ومن ثم الذهاب للجامعة.. بعد صلاة الظهر عادة أذهب لوسط المدينة للتبضع من السوبر ماركت (جاينت) الوحيد بالمدينة والذي يقع بجانب محطة القطار ولا يبعد كثيراً عن مدرسة الأبناء (بلاس كريك سكول).. بعد الانتهاء من التسوق أذهب للمدرسة لاستلام الأبناء وتوصيلهم للدار الذي يقع خارج المدينة بحوالى ثمانية أميال والعودة بعدها للجامعة.

بالنسبة لمستلزمات رمضان من لحوم وخضروات أذكر في البداية كان المسؤول عن تزويد الطلاب باللحم الحلال طالب بحريني (محمد الموسوي)، إلى أن تعرفت على صاحب مزرعة لتربية المواشي بالقرب من منزلي عن طريق صاحبة الدار، فكنت أقوم بذبح الخروف ويقوم صاحب المزرعة بسلخه وتقطيعه.. أما السمك بأنواعه فيعرض كل يوم أربعاء في سوق السمك بالواجهة البحرية للمدينة.. أما الخضروات فلحسن الحظ كان صاحب المنزل لديه محمية في الفناء الخلفي لداره لزراعة أنواع الخضار والباذنجان وكان يقوم بإيصالها لمنزلي، وبالنسبة للدواجن كنت أذهب في إجازة نهاية الأسبوع لمدينة (سوانزي) على بعد ساعة ونصف بالمركبة لشراء الدجاج الطازج وبعض الأغراض من محلات الجاليات المسلمة بالمدينة.

أذكر أن رئيس الجمعية الإسلامية في الجامعة وكان من الجنسية السعودية يطلب منا عمل بعض الأطباق وإرسالها للمسجد قبل صلاة المغرب كإفطار للصائمين.. ويستمر البرنامج الرمضاني على هذا النحو إلى نهاية شهر رمضان المبارك، وفي يوم العيد كنت أصحب الزوجة والأطفال لصلاة العيد وسماع الخطبة والعودة بعد الصلاة إلى المنزل لتناول فطور العيد، والاتصال بالأهل في المملكة لمعايدتهم، وعصراً نذهب للحدائق للتنزه وبعدها معايدة الطلاب السعوديين في منازلهم وبدورهم يردون الزيارة، وفي اليوم الثاني من أيام العيد تبدأ الدراسة وتعود الأمور إلى طبيعتها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store