Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

غسيل المخ

A A
استخدم هذا المصطلح لأول مرة في رواية جورج أورويل Orwell المسماة 1984، وقصد به السيطرة الكاملة على الأحوال المادية في بيئة ما للتأثير على سكانها بما يشبه استخراج أمخاخهم وإجراء عملية غسيل للأفكار والمعتقدات والآراء التي لا ترغبها السلطة في هذه البيئة المحددة.

شرح الدكتور عبدالمنعم الحفني هذا المفهوم في موسوعة الطب النفسي، ج2، ص ص 320 - 324.. من ضمن ما ذكر: أن هذا المفهوم انتشر أثناء الحرب الكورية عندما وقع بعض الجنود الأمريكيين في أسر القوات الصينية، فاستخدموا طرقاً نفسية معهم لتغيير معتقداتهم وأفكارهم وعندما عادوا لأمريكا شكلت لهم مجموعات من أطباء النفس الأمريكيين لدراسة أساليب الصينيين التي استخدمت ضدهم في غسيل المخ، لأجل معرفة التأثيرات الخطيرة التي تعرضوا لها وكيفية علاج ذلك.. تقوم عملية غسيل المخ على إعادة تشكيل الأفكار، وتتكون من ثلاثة عناصر هي: الإضعاف والاعتماد والإفزاع، وتستهدف هذه العملية الأسير لأجل إضعافه بدنياً ونفسياً وسلب إرادته وجعلها مطيعة للإرادة الصينية، وهذا هو معنى الاعتماد وبث الرعب والقلق في نفس الأسير ليعيش في خوف دائم، كما أنه يشعر بالدونية أمام المسؤول الصيني ويتحدث إليه بإذعان، وينكر ذاته ويستجيب للمؤثرات المفروضة عليه -حتى وإن كانت تتعارض مع ما سبق أن تعلمه أو اقتنع به في بلده الأصلي-.

يقوم مبدأ التحكم في البيئة على محاصرة الأسير إعلامياً وقطع كل اتصالاته بالعالم الخارجي -إلا من خلال القنوات التي تسمح بها سلطة المعسكر- ويتم عزله عن العالم الخارجي، ولا يكون أمامه أي وسائل للتحقق من صحة ما يقال له وما يسمعه، وينتهي به الأمر إلى تصديق الدعاية الصينية.. كما يشمل التحكم بالأسير: الإشراف على كل ما يصله من رسائل بريدية وصحف وكتب وما يسمع من أخبار، ويمنع عنه كل ما يتعارض مع اتجاهات المعسكر الصيني، وقد يوضع في حجز انفرادي لأجل الضغط عليه والحصول على اعترافات كاذبة منه في أمور لم يقم بها. كما يصنف الأسرى إلى مجموعات وتطبق عليهم طرق «العلاج الجماعي» التقليدية، حيث يتم تشجيعهم على مناقشة معتقداتهم السياسية والأسباب التي دعتهم للاشتراك في الحرب ضد الصين، وطاعتهم لزعماء بلدهم، وتهيأ لهم فرص التعبير عن مشاعر الأسى والكراهية والندم على ما قاموا به، ويثاب الأسير الذي ينتقد نفسه وبلده ويعترف بأخطائه، وفي أغلب الأحيان يوافق الأسير على إرضاء سلطة المعسكر حتى يأمن شرهم.

أحياناً يتم تشجيع الأسير على إفشاء بعض الأسرار العسكرية لبلده ويتناولها بالنقد ويعترف على نفسه وزملائه ويتبنى وجهة النظر المعادية لأجل مسايرة خصومه، كما أن بعض الأسرى يتعرضون للتعديل الفكري Thought reform حيث يستخدم الجدل السياسي وانتقاد العقائد الأصلية للأسرى كوسيلة للتأكد من كونهم لم يعودوا مقتنعين بقيمهم بها، ويحاول بعض خبراء غسيل المخ في هذا المعسكر إيهام الأسير بأن ما يفعله هو لصالحه.. ومع طول الوقت في الأسر يرتد معظم هؤلاء عن مبادئهم الأصلية التي تربوا عليها في بلدانهم ويعتنقون مبادئ الخصم لأجل اكتفاء شره. هذه الممارسات اللا أخلاقية ذكرتني بما يمارس ضد أطفال المسلمين عند خطفهم من قبل الشئون الاجتماعية -السوسيال- في دول الغرب وعزلهم عن والديهم وإخوانهم ومجتمعاتهم الأصلية لأجل مسح هوياتهم وتعديل أفكارهم بما يناسب الأجندة الخفية لهذه الدول بذريعة حماية حقوق الأطفال، والسويد في مقدمة هذه الدول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store