Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عبدالله السالم

متلازمة ستوكهولم

A A
تسمى باللغة الإنجليزية Stockholm syndrome، هي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف مع عدوه أو مع من أساء إليه بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي بعض الأحيان تظهر بعض علامات الولاء والطاعة لدى الضحية، مثل تعاطف المختطف مع خاطفه.. وهذا المصطلح ينسب الى حادثة وقعت في ستوكهولم عام 1973م عندما سطا مجموعة من اللصوص على بنك «كريدت بانكين» وأخذوا بعض موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، وعندما تم اطلاق سراحهم لاحقاً وجدوا أن الرهائن تعاطفوا مع أولئك اللصوص وقاموا بالدفاع عنهم وتبرير أفعالهم بطرق عاطفية.

في مثل هذه الحالات تختلط المشاعر لدى المخطوفين ولا يميزون الصواب من الخطأ.. أي أن الضحية تلتبس عليها الأمور، وتفهم الإساءة لها بشكل خاطىء، وتعتبره أنه أحسن إليها.. سجلت ملفات الشرطة وجود هذه المتلازمة لدى 8% من حالات الرهائن المختطفون.. ويعتبر بعض المحللين النفسيين أن ذلك له علاقة «بالصدمة» لدى الضحية (فهذا الترابط عاطفي وغير منطقي بين الجاني والضحية)، وقد يستخدم الخاطف أساليب نفسية وجسدية لغسل دماغ الضحية وسلب إرادته الحرة بحيث يصبح تابعاً له، مسلوب الإرادة، يؤمن بأفكاره وقيمه ومعتقداته (انظر مقالي عن غسيل المخ المنشور في 3/أبريل/2023).

في مثل هذه الحالات يصبح المخطوف عاجزاً عن التحكم بمصيره، ويشعر بالخوف الشديد من التعرض للأذى إذا ما اختلف مع من يأسره ويعذبه، وهنا يستجيب للخاطف ورغباته المريضة لأجل النجاة والبقاء على قيد الحياة.. هناك طرق عديدة للعلاج النفسي للضحية من أهمها: الحصول على التعاطف والدعم الأسرى، وتعزيز الثقة بالنفس وتوفير جو الأمان لكي يفيق من الصدمة، والتأقلم الاجتماعي مع المجتمع الأصلي وأفراده.. وقد يستغرق العلاج وقتاً طويلاً حسب شخصية كل ضحية وعمره والتجارب السيئة التي تعرض لها.

من يتأمل حوادث خطف الأطفال المسلمين في بعض دول أوربا يدرك خطورة طمس هوياتهم بأساليب ممنهجة ولا أخلاقية -باسم حماية حقوق الطفل- في حين أن هناك شبكات منظمة تستفيد من وراء خطفهم وتحويلهم الى سلعة يستفيد من وراء الاتجار بها عدد من الجهات، كما تستخدم الأكاذيب الممنهجة ضد الأطفال المخطوفين من خلال فصلهم عن والديهم وأخوانهم وأصدقائهم وإبعادهم عن التواصل مع أقاربهم في بلدانهم الاصلية، وعزلهم عن العالم الخارجي، وجعلهم يصدقون تلك الأكاذيب الخبيثة التي تقال لهم مثل: والديك لا يريدون رؤيتك، أخوانك يكرهونك ولا يريدون مقابلتك، تشويه ثقافة بلدانهم الأم ودينهم وقيمهم وهويتهم العربية والإسلامية، وجعلهم يشعرون بالدونية أمام ثقافة البلدان الغربية والتي تختطفهم بذريعة حمايتهم، في حين ان هذه البلدان تعاني من نقص في المواليد الجدد وتزايد في شيخوخة أفرادها، فيعوضون هذا النقص بمثل هذه الأساليب اللاإنسانية.

في السويد مثلاً تقوم الشؤون الاجتماعية -السوسيال- بخطف حوالى 28 ألف طفل سنوياً حسب ما ذكر الدكتور أوفه سفيدن في كتابة LVU تجارة الأطفال المربحة، وتقوم السوسيال بوضع هؤلاء الأطفال في دور رعاية أو لدى أسر حاضنة تتربح من ورائهم، وقد يباعون لمشتهي الجنس وشركات الأدوية.. باسم قانون LVU لرعاية الشباب تمتد فترة التحكم فيهم حتى سن 21 سنة، ويصاب بعضهم بفقدان الثقة بالنفس والاكتئاب والقلق واسوداد الدنيا في أعينهم نتيجة فراق أهاليهم، وتعرضهم لأشكال من الأذى والعنف والاغتصاب تدفع بعضهم للانتحار للهرب من الجحيم الذي يعيشون فيه باسم حماية حقوق الطفل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store