Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

نسائم الدعاء

A A
إن القلوب التي تكسرها أسباب الحياة من مرض وعجز وهم وغم وحزن تتسلل إليها النظرة السوداوية للحياة وتطبق عليها أفكارها السلبية وتحيط بها فلول التشاؤم إلا أن الاتصال برب السماء عبر بوابة الدعاء يعمل على مسح لكل تلك الأمور (مرض، هم، غم، عجز، حزن، فقر،..) ففي كل رفعة دعاء يغير الله من حال إلى حال وتتناقص نسبة السواد ويحل محله البياض وتشرق النفس بإذن الله وترفع الملائكة السامعة لصوت الدعاء شفاعتها بأن يحقق الله طلب صاحب الدعاء فمن للإجابة غير رب السموات والأرض؟ أليس هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ أوليس هو من أمر بالدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)، (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ).

أوقات الإجابة والاستجابة أبواب مشرعة ونوافذ مفتوحة وهي متعددة إلا أن أفضل وقت للإجابة هو أوقات السحر في الثلث الأخير من الليل، تلك اللحظات التي تنتعش فيها القلوب بنسائم الدعاء عندما ينزل الله سبحانه وتعالى وهو الكبير المتعال إلى السماء الدنيا وينادي هل من سائل فأعطيه سؤله، هل من مستغفر فأغفر له، هل من صاحب حاجة فأسديها له، فكم لهذه النسائم من عطاءات يرفع الله بها المرض ويحفظ الله بها النفوس من حوادث الزمن ويرزق بها الله من احتاج ويعطي سبحانه كل واحد سؤله وما يطلبه.

وقد ورد في وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام قول الله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيب) وقد شرح الرسول عليه السلام معنى «أواه» بأنه الذي يخشع في الدعاء ويكون شديد التضرع إلى الله، نعم إن الدعاء بحاجة إلى من يخشع فيه ويتضرع لأنها من موجبات وأسباب إجابة الدعاء لأن الدعاء كما ورد في الحديث عبادة كالصلاة تمامًا التي تكون أحسن الحالات فيها أن تكون خاشعًا لله، وكذا الدعاء فمن يسمعه -أي الدعاء- ينظر إليه سبحانه وتعالى ويقدر خشوعه ويجيب دعاءه، فاللهم في هذه الليالي من أيام العشر الأخيرة المقبلة علينا من شهر رمضان المبارك أفض علينا من رحماتك وعطاءاتك ما تجعل قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا تحس به وتعيشه وتحيا به واحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمورنا واجعل عملنا في رضاك وأرزقنا حسن الختام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store