Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

خمسة مفاهيم مغلوطة عن الفقر والفقراء

A A
ونحن في شهر رمضان المبارك، شهر الخير والعطاء، فإن من المهم للجميع، ليس مجرد البذل بالمال للفقراء والمحتاجين، بل إن هناك أمرًا أكثر أهمية لكونه يمثل الخطوة الأولى لعلاج مشكلة الفقر بشكل جدي، وهذا الأمر هو إصلاح تلك المفاهيم المغلوطة حول الفقر والفقراء، والتي أصبحت تتردد بكثرة على شبكات التواصل وغيرها، وتأخذ صورًا مختلفة يمثل بعضها عائقا أمام أي جهود تبذل بهذا الشأن، ومن تلك المفاهيم المغلوطة ما يلي:

1- الفقراء كسالى وغير طموحين:

وهذه العبارة تلقي باللوم على الفقراء أنفسهم، باعتبار أنهم لا يبذلون جهدا كافيا لتحسين مستوى معيشتهم. وهي تتجاهل حقيقة أن كثيرا من الفقراء وُلِدوا فقراء دون اختيارهم، بكل ما يتبع ذلك من صعوبات ومعوقات تؤثر على فرصهم في التعليم والتوظيف ونوعيته.. ومثل هذا التفكير قد يوحي للبعض بعدم مساعدة الفقراء باعتبار أنهم من اختاروا هذا الوضع لأنفسهم.

الملفت بهذا الخصوص هو تزايد ترديد مثل هذا التفكير مؤخرًا في بعض البرامج التلفزيونية، وفي تصريحات بعض «رواد الأعمال» الأثرياء، والتي تعزو فقر الفقراء إلى ممارساتهم في الإنفاق، أو إصرارهم على الوظيفة بدلاً من العمل التجاري الخاص!.

2- توفر الوظيفة يعني عدم الفقر:

لا شك بأن مساعدة الفقراء للحصول على وظائف هو خطوة أساسية هامة، ولكن مجرد حصول الشخص على عمل لا يعني بالضرورة أنه أصبح خارج دائرة الفقر، فالكثير من الفقراء لديهم وظائف، ولكن دخلها غير كاف لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومن المهم الإشارة هنا أيضا بأن المحسوبية والنفوذ لا زالتا تلعبان دورًا مؤثرًا في فرص التوظيف، خاصة في الوظائف ذات الجاذبية، والتي تكون غالبا المنافسة عليها في غير صالح الفئة الفقيرة الأقل حظا. ولي مقال سابق تناول هذا الأمر، واقترحتُ فيه منح أولوية التوظيف لأبناء الأسر الأشد فقرا حال امتلاكهم للمؤهلات المطلوبة، ويشمل ذلك بالتأكيد الوظائف ذات الجاذبية، والتي تشيع بها حالات «الهبوط المظلي» غير العادلة!.

3- السوق مليء بالسلع الرخيصة التي تناسب ميزانية الفقراء:

ورغم أن هذا القول به بعض الصحة، إلا أنه كثيرًا ما أصبح يستخدم بأسلوب خاطئ مليء بالطبقية الممقوتة، والتي أوشك فيها أحدهم يوما على القول بأن على أبناء وبنات الفقراء عدم الذهاب للمقاهي المشهورة ذات الأسعار العالية، متجاهلا بذلك أننا في مجتمع مفتوح واقعيا وافتراضيا، يلتقي فيه الشباب بأصدقائهم دون اعتبار لمكانتهم المادية. إنه أمر صادم بشدة مجرد تخيل امتناع ابن أو ابنة أحدنا من الدخول لمقهى مع أصدقائهم لمجرد أن سعر كوب القهوة عشرين أو ثلاثين ريالا!.

4- من المستحيل القضاء على الفقر:

هذه أيضا عبارة خاطئة، لأنه مع الإرادة الجادة والتخطيط الجيد وتعاون الجميع، فإنه لا مستحيل بهذا الخصوص.

5- الفقر هو مشكلة أفراد وليس مشكلة مجتمع:

وهذا المفهوم الخاطئ يعيدنا إلى النقطة رقم واحد التي تلوم الفقراء على فقرهم في محاولة لتخفيف اللوم على المجتمع ورفع العتب عنه. وواقع الأمر هو أن الفقر مشكلة مجتمع أولا قبل أن يكون مشكلة الفقراء أنفسهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store