Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

عندما يدفعونك للمخالفة!!

A A
في القواعد القانونية، إذا انتزع الاعتراف من المتهم مسلوب الإرادة بالإكراه، لا يؤخذ به، كذلك استقالة الموظف إذا كانت ناجمة عن تعنت رئيسه الذي دفعه من خلال تسلطه ليبدو وكأنه هو من ترك العمل، لا يعتد بها، وحتى بالقواعد الفقهية الشرعية، يمكن للضرورات أن تبيح المحظورات، متى تكالبت الظروف القاهرة على الإنسان، وهددت ماله أو عرضه أو حياته!!

وقياساً على ذلك: أرى أن وزارة التعليم غالباً ما تدفع الطلبة دفعاً للغياب الجماعي، حين تتمسك دون سبب وجيه بإقرار الفصل الدراسي الثالث، رغم الإنهاك والإعياء الذي يخلفه، ورغم يقينها باستحالة انتظام الغالبية، إلا أنها تصر تحت تهديد خصم درجات المواظبة، على انتزاع حضور الطلبة بالقوة الجبرية!!

وقياساً على ذلك: أرى أن تخطيط الشوارع الغريب يدفع سائقي المركبات دفعاً لارتكاب المخالفة، حين تجعلهم يسلكون عدة كيلومترات لأجل العودة لنفس النقطة، التي يوجد قبلها (يوترن)، ما يضطرهم لعكس طريق الخدمة بحذر مراعاة لوقتهم وبنزينهم!!

وقياساً على ذلك: أرى أن اشتراطات الأحياء الجديدة ببناء فله أو عمارة وارتدادتها الكبيرة، تدفع الملاك دفعاً لتعديل المخططات الهندسية، حين تضيق عليهم مساحة الشوارع فينعكس الضيق على جدران المنازل الداخلية، ما يضطرهم للتوسع بخلق شقة استديو مضغوطة، أو حجرة خارجية إضافية!!

وقياساً على ذلك: أرى أن الضوابط المشددة للمحال التجارية، أو عربات الأكل (فود كرفت) قد تدفع المستثمرين الشباب دفعاً لتكبد القروض المتراكمة ومواجهة الخسائر الفادحة، حين تكلف جهة تجارية ربحية (إجادة) بزيارات مباغته لتعقب زلاتهم الطفيفة، دون النظر لظروفهم القاهرة، فيضطروا مكرهين لإقفال محال أكل عيشهم، والعودة للجلوس على أعتاب الحاجة!!

أنا لا أجمل المخالفة أو أميع العقوبة -لا قدر الله- لكنني بالمقابل أود أن أقول: الحياة أسهل بكثير من تلك الإجراءات البيرُقراطية، التي يتشبث بها أو يرفض تذليلها بعض المسؤولين لأسباب عائمة غير وجيهة، ما يخلق لدى الإنسان العادي استفهامات صريحة، لذلك يفترض عدم معاقبة مرتكب المخالفة حسن النية، ومعاقبة كل من يدفعه دفعاً لارتكابها بقصد الترصد له، أو قطع أبواب رزقه، أو جباية الأموال من وراء ظهره!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store