الأقسام العلمية.. المطبخ المجهول

أستاذ الجامعة له شأن كبير في مجتمعنا كما هو الحال في المجتمعات الأخرى، وعلى عاتقه تقع مسؤوليات جسام جداً لا يجهلها إلا القليل فهو الأب والمعلم والباحث والمصلح الاجتماعي الذي من الممكن أن يحتكم إليه الناس، وفي وسعه أن يفصل بين منازعاتهم بما عرف عنه من توخٍ للعدالة والشفافية والحرص على الموضوعية في كل جوانب الحياة (ضمن اختصاصه)، أعزه الله بهذا العمل وشرفه بهذه المهمة فهو دوماً محل ثقة الجميع، لا ينطق ولا يكتب إلا خيراً، وهو أيضاً القدوة التي يحتذى بها طلابه وأبناؤه في كل سلوكه وتصرفاته، فإذا حاد عن شيء مما ذكرناه آنفاً يكون قد أخطأ في حق نفسه وانتقص من قدره وتسبب في أخطاء من يتبعه، وحسبي أن هذا لا يحدث إلا نادراً والنادر لا حكم له.ولا شك أن أعضاء مجلس القسم العلمي في أي كلية من كليات أي جامعة تقع على كاهلهم مهام مصيرية عديدة لعل من بينها ترشيح المعيدين والمعيدات وهم أساتذة المستقبل، فإذا أحسن اختيارهم كان للجامعة ما أرادت وإن أخفقوا لم يتحقق الهدف وأحسب أن أستاذ الجامعة الذي يتحمل مسؤوليته لن يسهم في إخفاق الاختيار فيرتكب إثماً لا أدري إن كان بالإمكان أن يغفر له، فضلاً عن الشعور الذي ينتابه من داخله وهو يسهم في سوء اختيار أستاذ المستقبل، مثله في ذلك مثل من يعصي الله على علم حسبي الله عليه.أردت أن أقول إن القسم العلمي يقرر مصير قسمه وكليته وجامعته ومجتمعه من خلال قراراته المتعلقة بإقرار البرامج العلمية أو باختيار الأفراد الذين سيتولون مهام التدريس الجامعي فيما بعد، إنه المطبخ المجهول ولكنه الأكثر تأثيراً وهو من أهم أركان التطوير والتحديث والتغيير وكل من ينتمي إلى عالم الجامعات ومطّلع على اللوائح والنظم التي تسير دفة العمل يدرك ما سبق أن أشرنا إليه.إننا جميعاً نعلق الكثير من الآمال لبذل أقصى الجهد لتحري الموضوعية والنزاهة في اختيار الكوادر، وفي ظل وفرة عدد من الوظائف الأكاديمية الشاغرة، فقد يرى صاحب القرار إيجاد آلية بديلة في اختيار الكوادر وإقرار البرامج يكون للقسم المختص نصيب منها، ربما يحقق أقصى غايات الدقة والنزاهة والعدالة وهي سمات ينشدها كل مسؤول حصيف، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.