Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد رشاد بن حسن مفتي

لنحافظ على تراثنا الطبيعي

A A
تعتبر براكين السكوريا وهي براكين صاحبت تكون الحرات البركانية في المملكة، نتجت عن ثورانات البراكين الأقل انفجارًا ولا تتجاوز ارتفاع هذه البراكين الثلاثمائة متر.. وجاء اسمها من الرماد البركاني الذي تكونه، ويطلق عليه الاسم الجيولوجي (السكوريا).. براكين السكوريا في حرات المملكة تشكلت على عبر ملايين السنين وكانت آخرها سبعة براكين صغيرة تكونت قبل ثمانمائة عام، مصاحبة للثوران البركاني التاريخي على بعد 20-25 كيلومتراً جنوب غرب المدينة.. لذا فهذه البراكين جزء هام من تراثنا الطبيعي الجيولوجي.

في السنوات الأخيرة، بدأ بعض الأفراد والشركات في استغلال هذه البراكين لتحقيق مكاسب اقتصادية قصيرة الأجل، مما أدى وسيؤدي إلى تدميرها وتدهورها.. واحدة من الطرق التي يتم بها استغلال هذه البراكين، هي عن طريق حفرها واستغلال رماد السكوريا، لإنتاج كتل عازلة للحرارة أساسًا، واستخدامه كمواد للخلط مع الأسمنت.. على الرغم من أن هذا قد يوفر مصدرًا سريعًا للدخل للشركات المعنية، إلا أن له آثار ضارة على البيئة وتدمير معالم جيولوجية تحكي تاريخًا مهمًا لجيولوجية المملكة الحديث.. بالإضافة إلى أن ذلك سيؤدي إلى إزالة تتابعات في التاريخ الجيولوجي، يمكن أن يؤثر في فهم طبيعة المخاطر البركانية المستقبلية لا سمح الله.. فعملية الحفر يمكن أن تؤدي إلى التآكل وتدهور الحياة الفطرية، وكلها يمكن أن تؤثر بشكل دائم على النظام الإيكولوجي المحلي.

ومن المهم ملاحظة أن هناك مواد طبيعية واصطناعية أخرى يمكن استخدامها كبدائل لرماد السكوريا.. هذه المواد متاحة بسهولة ويمكن أن توفر مستويات مماثلة من العزل دون التأثير البيئي الناتج عن حفر براكين السكوريا، لذلك من الضروري أن نتخذ خطوات للحفاظ على هذه المعالم الطبيعية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ قوانين ولوائح تحظر حفر هذه البراكين لأغراض تجارية، بالإضافة إلى ذلك يجب علينا تثقيف الجمهور حول أهمية هذه التشكيلات الطبيعية والدور الحيوي الذي تلعبه في الحفاظ على نظام بيئي صحي، وكونها مصدراً طبيعياً لمعالم سياحية مهمة.

إن الحفاظ على براكين السكوريا ليس مهمًا فقط للبيئة، بل له فوائد اقتصادية سياحية على المدى البعيد، فهذه البراكين تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، الذين ينجذبون إلى جمالها الفريد وفرصة استكشاف محيطها الطبيعي.

سأذكر هنا مثالاً واحدًا والأمثلة في العالم كثيرة، يتضح منها أهمية الحفاظ وحماية معالمنا وتراثنا الجيولوجي.. حديقة تيمانفايا الوطنية هي منطقة بركانية شبيهة في كثير من تفاصيلها البركانية لحرات المملكة وإن تكونت في فترة أحدث تاريخيًا.. وتشتهر هذه الحديقة بمناظرها الفريدة، التي هي نتيجة النشاط البركاني حيث غطت الثورانات البركانية جزءًا كبيرًا من الجزيرة بالحمم وبراكين السكوريا والرماد، مما خلق مناظر فريدة وخلابة.. كما تضم الحديقة أيضًا أنواعًا نادرة من النباتات التي تكيفت مع الظروف البركانية القاسية.

وقد زرت هذه الحديقة قبل فترة، وقد أبلغنا بوجوب أن تكون الزيارة ضمن جولة مع مرشد سياحي للاستمتاع بالمناظر البركانية، والتي تشمل زيارة منطقة تسمى جبال النار، ونظرًا للطبيعة الحساسة للنظام البيئي في هذه الحديقة، لا يُسمح للزوار بالتجول خارج المسارات المخصصة أو القيام بأنشطة تؤذي البيئة، كما تتضمن الحديقة لوائح صارمة للمركبات وتتطلب من الزوار استخدام الحافلات المخصصة لاستكشاف الحديقة. واخيرًا وبالطبع وبسبب القوانين البيئية الصارمة، فلا يوجد في هذه المحمية البركانية لا كسارات ولا محاجر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store