Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

شواطىء خلف القضبان!

A A
تقول الأخبار الصحفية: «أمانة جدة تغلق شاطىء أبحر لوجود مخالفات تمثلت في فرض رسوم على الدخول وتسوير الشاطىء»، هذه الأخبار المبشرة، دفعت ذلك الإنسان البسيط ليترك أشغاله ويهرول نحو (شاطىء أبحر) ليطمئن عليه، بعد حجبه عن الأنظار مدة طويلة، وقد كان هذا الإنسان في الماضي يقف يائساً على صخوره، يتطلع لأمواجه، يبث همومه وأحزانه، هاهو شاطىء أبحر نفسه يظهر بائساً، موقوفاً على ذمة التحقيق، مردداً (لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبه)!

لقد مرت على ذلك الإنسان البسيط فترة صعيبة، كان يقصد خلالها شاطىء البحر ليشكو إليه همه وقلة حيلته، فيجد من أجحفوا في ظلمه هناك بانتظاره، ليدوسوا على أوجاعه، ويذروا الملح على جراحه، وينخلوا برسوم الدخول جيوبه، فيتمتم عائداً، معاتباً: (حتى أنت يا بحر «تتغلى» علينا)!!

لقد وفرت الحكومة مشكورة (الواجهة البحرية) التي تعد المتنفس المجاني الوحيد، الذي يضاهي جماله أعظم المنتجعات السياحية العالمية، لكنه وإن امتد عدة كيلومترات لا يمكنه استيعاب هذه الآلاف من الزوار البسطاء الذين يقصدونه، وكان حرياً بكافة الشركات الاستثمارية، الاضطلاع بأدوارها الإنسانية والاجتماعية، وخلق منظمة غير ربحية، غايتها السامية: توفير الشواطىء المجانية المجهزة بالكراسي والمظلات للطبقة المعدمة والكادحة.

كما أنه يجدر بالهيئات العامة والجهات الحكومية والأهلية، تنظيم رحلات بحرية لمنسوبيها وعائلاتهم كمحاولة لكسر روتين الضغوطات العملية، وذلك بخلق بيئة عمل نموذجية، تستنسخ فيها برامج التدريب الخارجية، حين تحرص مراكز التطوير الإدارية بالقاهرة -مثلاً- رغم قلة إمكاناتها المادية، على أخذ المتدربين في رحلة سياحية بقارب مجهز يجوب ضفاف نهر النيل الجاري، مع أنغام العود الشرقي، ووجبة غداء شهية، وأنغام فرائحية ومناظر حضارية.

نحن لا ننكر أبداً، حق الجهات الترفيهية في استقطاب الزبائن لحضور فعالياتها وأنشطتها وسد التكاليف الإنشائية والتشغيلية والدعائية التي تكبدتها، كما لا ننكر أيضاً، حق الجهات الاستثمارية في تعويض بعض تكاليف تأهيل ورعاية وصيانة الشواطىء العامة متى أسندت إليها للمصلحة العامة، لكن هذا يجب ألا يؤدي بالمقابل لقتل فرحة الناس البسطاء من الدخول إليها، ويمكن لسد ذلك؛ سن رسوم ميسرة ومتفاوته لبعض الخدمات الإضافية والكمالية.

لقد سيجت شواطىء البحر لفترة طويلة، بقضبان الصكوك الوهمية، وكثبان الشاليهات والمنتزهات التجارية، وصحاري الرسوم الخيالية، حتى بدت جدة، وكأنها ديرة نائية، تقطن بين تلال وطعوس الربع الخالي، وليست مدينة ساحلية، اشتهرت بين عامة الناس لعقود بـ(عروس البحرالأحمر)!!

لقد نسي ذلك الإنسان البسيط كل همومه وأحزانه، حين هب للاطمئنان على (شاطىء أبحر) -بعد الإفراج المؤقت عنه- وأخذ يهدي من روعه ويطمئنه: «اهدأ يا بحر وهونها بالصبر، فقد تم قبل فترة (إلغاء 110 صكوك على بحر جدة لأمراء ووزراء ورجال أعمال لثبوت استخراجها بشكل غير نظامي)، وقريباً نحتفل بإلغاء عقدك مع المستثمر الجشع، وتفتح أسوار هذه القضبان، لتعيش بين أحبتك من الناس البسطاء الذين تشاطر أمواجهم همومك وأحزانك»!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store