Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

بين الصيدلية والعطارة.. علاج وخسارة!

A A
كان العطار في الماضي القريب يمثل الصيدلي، ومحل العطارة يمثل الصيدلية، وذلك لأن لديه وصفات علاجية لمعظم الأمراض، ولا شك أن هناك وصفات تنفع لبعض ما يصيب الإنسان من أمراض، ومع التقدم الطبي وظهور المدرسة الحديثة في العلاج بدأ ظهور الصيدليات والطب الحديث في العلاج، واليوم ينازع المريض في توفير العلاج كل من الصيدلية ومحل العطارة، الصيدلية أسعارها نار والأدوية فيها مكلفة، ووصف بعض الأطباء لشراء الأدوية يكون تكميليًا وفيه خسارة على جيب المواطن وربح للمستشفيات من باب التوسع بالشره المادي، وقد لا يكون هو الدواء المناسب ولا المطلوب إنما من باب تربيح شركات عالمية للأدوية، غير ما يطلب من المريض من تحاليل ليس لها غرض إلا تكسيب المستشفى، نواحي إنسانية منزوعة من قلوب الأطباء.

بالمقابل إذا لم يجد المريض فائدة فيما يصف له الطبيب ولقي أحدًا من أهل الخير من ينصحه بأن العشبة الفلانية هي له شفاء ولمرضه دواء فيبادر لشرائها واستخدامها فتكون عليه وباء ويخسر شيئًا من أعضائه خاصة كبده وكليته فيقع في خسارة أكبر من خسارة الطبيب المادي الذي يكتب الدواء الذي لا يلزم، لأن الخسارة هنا خسارة في جسمه، ومثال ذلك ما يقع للناس اليوم -وهم كثر- من الآثار الجانبية المميتة للأعشاب، وقد حذرت ولا زلت أقول إياكم ومحلات العطارة والأخذ بكلام ووصفات العطارين وشراء أعشاب ملوثة تعمل على تسميم خلايا الجسم وإن كانت تفيد بعض أعضائه وتعالج أحد أمراضه.

إن التوجه للعلاج بالأدوية واستخدامها على فترات طويلة إنما هي سموم كيميائية تدخل الجسم تضر الكبد والكلية كما أن لها آثارًا جانبية لذلك من أهم الأمور معرفة تلك الآثار قبل تناول تلك الأدوية، كما أن تناول أي عشبة يُعدُّ جريمة في حق الجسم ذلك أن معظم الأعشاب ملوثة بشوائب معدنية ومواد كيميائية مترسبة من الجبال تكونت عليها عند نزول الأمطار، بالإضافة إلى جهل أضرارها الجانبية وعدم دقة ما توصف له، فالعطار كلامه يفتقر إلى الدقة العلمية، ومن هنا أدعو أن يقوم على محلات العطارة خريجون من كلية الصيدلة بعد أن يعطوا دورات خاصة في الطب البديل وطب الأعشاب وأن تكون محلات العطارة ذات شروط أكثر عناية بالنظافة وشروط التعقيم.

لقد طُلب منَّا شرعًا التداوي لقوله عليه السلام: (تداووا عباد الله ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله)، والاهتمام بشروط الدواء من أساسيات التداوي وأيًّا كان مصدره صيدلية أو محل عطارة فهو إما علاج شافٍ يدفع به الله المرض أو قد يكون خسارة للمال ووبالًا على الجسم إن لم يكن هناك أمانة في وصفه من الطبيب وانتباه وحذر في أخذه من المريض لأن هناك مافيا للأدوية تحت مسمى شركات عالمية وهناك تجار للأعشاب ومتمصلحين من بيعها والترويج لها على حساب صحة الإنسان فكلاهما -دواء الصيدلية وعشبة العطار- يداويان ويعالجان أو يخسران ويمرضان، لا جعل الله لنا إليهما حاجة، وحفظ علينا صحتنا وعافيتنا إنه على كل شيء قدير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store