Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

قرطبة.. التاريخ والمدرسة

A A
حضرت حفلة أقامتها مدرسة قرطبة الأهلية احتفاء بيوم الخريجين لمرحلتي الابتدائية والمتوسطة، وذلك بدعوة من حفيدي صالح أنس، ودائمًا أقول من يستطيع أن يحضر مناسبات الاحتفاء فلا يتأخر لأنها تحمل معاني الفرح والبهجة والسرور سواء كانت مناسبات زواج أو خريجين أو تحقيق نجاحات أخرى فإنك بذلك تشارك بروحك ونفسك وتغدق على حياتك شيئًا من التجديد، ومن أجمل الكتب التي قرأتها وذات تأثير في معنى التجديد كتاب (جدد حياتك) للشيخ محمد غزالي، وقد كُتب على نسق من كتاب (دع القلق وأبدأ الحياة) لكن بتصور إيماني ولغة سهلة رقراقة تبعث بالمعاني وتستطرد بالمباني.

فالمناسبات الاجتماعية روح حياة الروح ونَفَس متنفس النفس، وأحد الأمور التي تطيل في العمر البيولوجي، لقد شهدت ليلة الحضور احتفاءً بخريجي الابتدائية والمتوسطة جمعًا كبيرًا من الأمهات والآباء، وكان الأمهات هن الأكثر حضورًا وتفاعلاً بدافع من الحب والفرحة الغامرة التي لا توصف في قلوبهن، وكل حفلات التخرج تحمل هذه الروح من البهجة والسرور وهي لحظات لا تنسى في حياة صغار السن، وتبقى ذكريات والذكريات جاءت على خاطري وخاطر كل من ذهب إلى قرطبة حيث التاريخ، إلى هناك في الأندلس حيث كان العلم يغرس أوتاده وعلماء الدين والأدب والأحياء والفيزياء والكيمياء والهندسة والطب والصيدلة، نصبوا أشرعتهم في سفن العلوم بقرطبة في مساجدها ومكتباتها ومعاملها ووفود من طلاب أوروبا تبعثهم دولهم لتلقي العلم على أيدي علماء قرطبة، فقرطبة تاريخ لا ينساه التاريخ، فقد ذكرها ياقوت الحموي حيث كانت في عهد عبدالرحمن الداخل الأموي عاصمة لدولة الأندلس ويستضيء الماشي بسراجها من على بعد عشرة أميال، وبلغ عدد سكانها حوالي المليون نسمة بينما كانت أكبر مدينة في أوروبا لا يزيد سكانها عن ربع مليون نسمة، وكان عدد حماماتها العمومية ومرافقها وبيوتها حوالى 283000، وبلغ عدد قصورها ثمانين ألفًا، وكان فيها مئة وسبعون امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي، وتحتوي المدينة على خمسين مستشفى، وفيها ستمائة مسجد ومن أهم مساجدها مسجد قرطبة الذي تفرد في الفخامة والزخرفة وروعة البنيان، وبها من الآثار الاسلامية الشيء الكثير منها قلعتها وأسوارها وبواباتها والناعورة وقصرها، ومما تميزت به قرطبة عبر التاريخ النهضة العلمية والأدبية مما شكل بعدًا حضاريًا لها وكانت مكتبتها شعلة علم تأتي إليها البعثات الغربية وممن نبغ من علمائها ابن حزم وابن حيان القرطبي ويونس بن عبدالله والحميدي وغيرهم ممن كان له أثر كبير في مختلف المعارف والفنون والعلوم.

أعود للحديث عن قرطبة كمدرسة التي أصبح عمرها الآن حوالى ثلاثون عامًا منذ تأسيسها وطرحت على مديرها العام الدكتور حاتم شفي بعد هذا العمر المديد من الإنجاز تحويلها إلى أكاديمية يمكن الحاق دراسة دبلومات ما بعد الثانوية لتخصصات يحتاجها الوطن ويتيسر من خلالها التوظيف بالإضافة إلى مراحلها الدراسية الثلاث، فلعل مثل هذا الاقتراح يجد من ينميه في مثل هذه المدارس ويلقى دعمًا ومؤازرة من وزارة التعليم وذلك يفيد في قبول بعض خريجي الثانوية في هذه الدبلومات وكذا جعلهم في تخصصات يحتاجها الوطن وتكون فرص التوظيف متاحة أكثر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store