Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الغرف التجارية.. الواقع والمأمول

A A
تعد الغرف التجارية بمثابة حلقة الوصل بين مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، فهي التي تعبر عن رجال الأعمال وتحمل همومهم وتعكس تطلعاتهم، وتقوم بإيصال صوتهم للمسؤولين، كما تقوم - في ذات الوقت - بتقديم العديد من الخدمات للمواطن والمقيم، وتنسق مع رجال المال والأعمال بما يؤدي إلى تنظيم أعمالهم وحفظ مصالحهم، وذلك عبر تقديم مجموعة مختلفة من الخدمات التي تشمل طرح الفرص التجارية، والتواصل مع السلطات لبحث شؤون العمل، وتقديم وجهات نظر التجار والمصنّعين فيما يتعلق برسوم الاستيراد والتشريعات التجارية. كما تقوم الغرف التجارية بالتنسيق مع أعضائها لإقامة المؤسسات التدريبية للشباب وتعليمهم بعض الحرف والمهن التي تعينهم في الحصول على فرص وظيفية.

والغرف التجارية عندما تقوم بهذه الأدوار، فإنها تهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف، في مقدمتها تقديم الدعم لإيجاد اقتصاد وطني قوي، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، وتقديم الدعم لرجال المال والأعمال لمواجهة التحديات التي تعترض طريقهم، وبذلك تسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية، وتحسين أداء الاقتصاد الوطني وجودته؛ وتحقيق الأهداف المرجوة من إنشائها.

والملاحظ لمسيرة الغرف التجارية في المملكة، يجد أنها مرت بالعديد من المراحل والمحطات منذ بداية ظهورها، التي تعود إلى قرابة 74 عاما، فقد صدر الأمر السامي بتأسيسها في عام 1369هـ، وشهدت تطوراً متواصلاً طيلة العقود الماضية، وتعديلات كثيرة في النظام لتحسين بيئة العمل، وتوّجت تلك التعديلات الكثيرة بصدور نظام الغرف السعودية الجديد في ديسمبر 2020، الذي تضمن تعديل المسمى إلى «اتحاد الغرف السعودية»، ونص على قيام الجمعية العمومية وتفعيلها ومنحها الصلاحيات اللازمة لدعم حوكمة الأعمال وتعزيز النزاهة والشفافية في المجلس والغرف التجارية، وذلك ضمن توجه رؤية المملكة 2030 لتطوير بيئة العمل، وتحويل المملكة إلى وجهة تجارية واقتصادية رئيسية في العالم أجمع.

ورغم الجهود التي بذلتها هذه الغرف طيلة العقود الماضية، وما قامت به من أعمال جليلة كان لها أثر كبير في النهضة التي تشهدها المملكة، وكان للعطاء الكبير الذي قدمه رجال الأعمال دور بارز في النجاحات التي تحققت، إلا أن المأمول منها يبقى أكبر من ذلك، حيث تمر بلادنا بمرحلة مفصلية من تاريخها على هدي رؤية 2030، التي تحمل طموحات كبيرة وآمالاً عريضة لتجويد الاقتصاد الوطني، وتعظيم الأثر الذي ينبغي أن يلعبه القطاع الخاص، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

الدور الملقى على الغرف التجارية كبير للغاية، لأننا نعيش في مرحلة رؤية 2030 التي تشهد بلادنا على ضوئها تطورات كثيرة ونهضة اقتصادية، فالمطلوب هو استصحاب تلك المتغيرات، والتركيز على القضايا الأكثر إلحاحا، مثل القضاء على التستر، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والقضاء على البطالة، وتعيين المزيد من الشباب في مجالس إدارات الغرف لإيجاد كوادر مؤهلة تمتلك رؤى تطويرية تتجاوز حدود التقليدية.

ومع توجه المملكة لتعظيم دور القطاع الخاص، فإن أهمية الغرف التجارية تزداد وتتعاظم، لذلك هناك حاجة ماسة لتجديد الأدوات وترتيب الأولويات، والتعامل بروح مختلفة تتواكب مع تغيرات المرحلة، والعمل الجاد على تطوير أساليب العمل.

كذلك، فإن على رجال الأعمال أن يتقاربوا بصورة أكثر مع الغرف التجارية بروح جديدة تواكب التغيرات التي تشهدها المملكة، والتي جعلتها قبلة لأصحاب الأموال من المستثمرين الأجانب، فالفرص الاستثمارية المتاحة في هذه البلاد تنتظر فقط المزيد من التنظيم.

بلادنا التي نفتخر بالانتماء لها، تنتظر منا المسارعة إلى خدمتها، بالتركيز على تحقيق المصلحة العليا، بعيدا عن النظرة الضيقة التي لا تتسع لأكثر من المصالح الآنية، والإسهام في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة. كذلك فإن مسؤولية صيانة أمن المجتمع وتحقيق تطلعات أفراده لا تقع فقط على عاتق الحكومات، لأن هذا المجتمع قدم الكثير لرجال الأعمال ولكافة أبنائه، وآن الأوان كي نرد جزءاً من الجميل للوطن، الذي منحنا كل الفرص للنمو والتطور والازدهار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store