Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

أفكار للقلب السعيد

A A
القلب العضو الذي يخفق بالحياة منذ أن قدر الله لنا الخلق والنشأة في بطون أمهاتنا، ونبضاته هي مؤشر البقاء على وجه الأرض قبل أن ينتهي الأجل وتغادر الروح الجسد للملكوت الأعلى فبتوقف دقاته ينتهي البقاء.

الله عز وجل خلق هذه القلوب ويعلم ما تخفي وما تعلن وأرشدنا لسبل حياته المعنوية أما الفسيولوجيه فقد تكفل بها رب العزة والجلال، تدفق الدم وحجرات القلب والشرايين والأوردة وكهرباء القلب وانتظام دقاته ليس من شأن البشر، ولكن يبقى للإنسان سبيله لإسعاد هذا القلب حتى يحيا سليمًا معافًا مستمرًا في تأدية واجباته بدون خلل ولا كلل ولا ملل حتى يحين الأجل المحتوم.

توقفت عند المواسم الروحانية التي فرضها الله تعالى علينا وتأملت لحالة القلوب في رمضان وهي مقبلة على الواحد الديان في صلوات وخشوع وبكاء وتذلل بين يدي الله وفي طواف بالبيت العتيق وتزايد أعداد الركع السجود في كل مكان على وجه الأرض وما أن ينتهي موسم رمضان الا وتدركنا العناية الإلهية بموسم الحج وعودة مرة أخرى لمزيد من القرب ومن التألق الروحي لنعيش أجواء الحج وموسم هو الأعظم الذي تجتمع فيه البشرية على صعيد واحد.

الصيام والحج والصلوات والدعوات ليست مجرد كلمات وحركات ونسك فقط بل هي أعمق بكثير، هي لحظات من الزمان نعالج فيها قلوبنا المتعبة التي عانت كثيرًا من الآلام والأوجاع والصدمات والحرمان والضعف البشري في مواقف متجددة تواجهنا في هذه الحياة الدنيا لتؤكد لنا ضعفنا البشري أمام قوة الإله العظيم..

ولنستحضر أهمية العودة إليه وإلى منهج نبوي مبارك وإرشاد إنساني عظيم وفي أكثر من موقف في السيرة النبوية يرشدنا النبي المعلم الخاتم عليه افضل الصلاة والسلام بأن في الجسد مضغة أن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب، تعلمنا هذه الكلمات في مناهجنا ومدارسنا ورددتها السنتنا كثيرًا ولكن يتعجب الواحد منا كيف لمن أدرك معاني هذه الكلمات الصادقة المباركة ان يتجاهلها ويعيش بين الناس وهو يرتدي رداء الطيب المتسامح وقلبه حاقد حاسد كاره للخير لغيره ويدعي زورًا وبهتانًا أنه سليم الصدر.

نعيش في هذه الحياة ونرى عجبًا ويحق لنا في مثل هذه الأيام المباركة من عشر ذي الحجة أن نتوقف قليلاً مع ذواتنا ونستحضر ذكرياتنا ونعيد حساباتنا مع انفسنا ومع الآخرين، تزكية النفوس ليست من شأننا فالله هو من يزكي ويصطفي من يشاء ولكن بأيدينا تعديل سلوكياتنا والتحكم في مشاعرنا إن أردنا حقًا التغيير لحياتنا والراحة لقلوبنا ولتكون خاتمة حياتنا خيرًا لابد أن نزهد فيما بين ايدي الناس وأن نحب الخير لكل الناس وأن نقنع ونرضى بما قسم الله لنا لتغمرنا السعادة فالرضا سعادة حقيقية لا يعرف دروبها إلا القلة من الناس.

اكتب كلماتي هذه بمشاعر تغمرني من الحب الصادق الذي عشته مع فريق عمل أكرمني الله بصحبته وتمنيت كثيرًا أن أحظى به يومًا ما، وطلبت من ربي في وقت السحر أن يرزقني مثل هذه القلوب لأكمل معها مسيرة حياتي المهنية بكل حب وصدق واخوة فكان لي ذلك مع نعم الأخوات اللاتي احبهن كثيرًا.. العمل سينتهي يومًا ولكن القلوب الطيبة سترافقك حتما في الدنيا والآخرة، وكذلك الحياة كلها ستنتهي لندرك أن علاقاتنا مع البشر محكومة بنبضات قلوبنا، قد لا نختار أهلنا وقراباتنا لكننا نستطيع صحبة من تختاره قلوبنا فعيون القلب مبصرة مضيئة بنور رباني، نحب ونألف وتخفق قلوبنا لمن تختارهم أرواحنا وتعانقهم وتلتقي بهم منذ الأزل، نظل نبحث عن هؤلاء طوال حياتنا وعندما يشاء الله ويكتب في القدر موعد اللقاء يكون يوم سعدهم، فلا تخلفوا مواعيدكم مع قلوبكم وأرواحكم التي اشتاقت كثيرًا لمن يشاركها هذه الحياة فتكون صحبتهم هي السعادة المنشودة والسكينة والطمأنينة في زمن متسارع الأحداث، عندما تؤمن بأهمية الحب في القيادة وفي الإدارة وفي العلاقات الإنسانية وفي العطاء والصدق الحقيقي في تمني الخير لكل من يحيطون بك تأكد أن رب القلوب سيجمعنا وسيوحدنا وسيكون عطاؤنا أفضل وأقوى.. وفي كل بيئة تسود فيها الأحقاد والكراهية التي تظهر حتى في نظرات العينين وفي بعض المفردات القاتلة لن يبقى أصحابها بخير هم التعساء الظالمون لأنفسهم من يسيئون وهم يحسبون انهم يحسنون صنعًا فاللهم لا تجعلنا منهم واكفنا شر أنفسنا وارزقنا قلوبًا سليمة طاهرة عامرة بالحب.

مما قرأت وراق لي أختم به كلماتي: (إذا كنت تعمل حيث هناك حب وحيث هناك فرح وضحك، وتحظى بالتقدير فأنت مقدر لك القيام بالأعمال الناجحة وبذل الجهود مضاعفة.. سوف تجد أن لديك المزيد من المواهب والقدرات، أكثر بكثير مما كنت تعتقد أنك تملك).

الحياة تعلمك الحب، والتجارب تعلمك من تحب، والمواقف تعلمك من يحبك.. (قول مأثور يستحق التأمل).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store