Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المملكة تستنفر قدراتها لخدمة الحجيج

A A
لا صوت يعلو في المملكة هذه الأيام على عودة ضيوف الرحمن من كافة أقطار الأرض، حيث تتصدر أخبار قدومهم إلى المنافذ المختلفة صفحات الصحف وشاشات الفضائيات، حيث يتم استقبالهم بالورود والحلوى والابتسامات النابعة من القلب، مع حرص جميع المسؤولين باختلاف مسؤولياتهم على منحهم الأولوية وتسهيل إجراءات خروجهم ووصولهم إلى مقار إقامتهم، امتدادا للدعم الذي تقدمه الدولة وكافة شرائح المجتمع للحجيج، ومسارعتهم إلى تلبية طلباتهم والترحيب بهم. وهذه الحفاوة والاهتمام يمكن تسميته بالدبلوماسية الشعبية التي تخاطب الشعوب والأفراد بصورةٍ مباشرة، وتترك في دواخلهم آثارا إيجابية تقدم أبهى الصور عن إنسان هذه البلاد، الذي يرحب بضيوفه ويبادر لإكرامهم.

مما يميّز حج هذا العام أنه يشهد عودة أعداد الحجيج إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا، حيث تمتلئ طرقات مكة وشعابها، لا سيما المؤدية إلى المسجد الحرام بأعداد كبيرة من ضيوف الرحمن، وهم يتألقون بإحراماتهم البيضاء الزاهية، وهو سبب كاف ليشعر العاملون في مجال الحج بالسعادة والراحة النفسية، فذلك هو مبرر وجودهم.

وعلى الرغم من انتهاء الجائحة، إلا أن الأنباء الواردة من مكة المكرمة تؤكد أن السلطات المختصة قد أكملت كافة استعداداتها، ووضعت خططاً مختلفة للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة، وسخّرت كل الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، الذين تركوا ديارهم وبلادهم وأعمالهم وجاؤوا إلى هذه الأراضي الطاهرة طمعاً في رحمة الله، وأملا في رضوانه وغفرانه.

ومع أن دوافع الفخر ومبرراته عديدة لهذا الشعب الكريم -ولله الحمد- إلا أن النجاح الذي تحقّقه المملكة بصورة سنوية ومنذ توحيدها على يد الملك المؤسس المغفور له -بإذن الله- عبدالعزيز آل سعود في تقديم كافة أنواع الدعم للحجيج وتأمين سلامتهم وضمان صحتهم؛ يبقى هو الدافع الأكبر، فقد أولت الدولة غاية اهتمامها لذلك، ورفعت شعار (خدمة الحاج شرف لنا)، وتسابق الجميع لتنزيل هذا المبدأ العظيم على أرض الواقع.

ولا يقتصر هذا التسابق المبرور على فئات الشعب فقط، بل إن بقية الأجهزة والمؤسسات الحكومية، لا سيما المرتبطة مباشرة بأعمال الحج، تبذل هي الأخرى جهودًا مضنية للقيام بأعمالها وفق ما هو مطلوب منها.

ومع أن جميع تلك الأجهزة تقوم بأدوارها كاملة، إلا أن الإنصاف يتطلب أن نخص رجال الأمن بالذكر، فهم ينتشرون في كل مكان، ليس لحفظ الأمن والنظام فقط، بل إن دورهم يتجاوز ذلك بكثير، حيث ينذرون أنفسهم لخدمة الحجيج، يساعدون هذا ويأخذون بيد تلك، يقدمون الماء لمن يحتاجه، ويوزعون الطعام للراغبين، تسبقهم ابتساماتهم وكلماتهم الطيبة، لا تثنيهم درجة الحرارة المرتفعة ولا تكسر عزيمتهم أشعة الشمس الحارة، يواصلون العمل طوال ساعات النهار وخلال الليل بإرادة لا تلين ورغبة لا تفتر.

النقطة الجديرة بالاهتمام، هي أن وسائل الإعلام الأجنبية تهتم بالتفاصيل والقصص الإنسانية التي تحدث في أثناء موسم الحج، وقد شهدنا كيف أن كبرى الفضائيات العالمية والصحف الغربية أفردت مساحات واسعة لنشر صورة الجندي الذي قدّم حذاءه لإحدى النساء المسنات التائهات، ورضي بالسير معها حافياً في عز الظهيرة، ليوصلها إلى مكان إقامتها، وكذلك قصة الجندي الذي كان يحمل على ظهره أحد الحجاج بعد أن سقط أثناء الطواف، فحمله، وأكمل له طوافه، وكذلك زميلهم الذي حمل المظلة ليوفر الظل لبعض الحجاج؛ بينما هو يمشي تحت حرارة الشمس، ورغم ذلك لم تفارق ابتسامة الرضا شفتيه. ومثل هذه الصور الإنسانية تقدم صورة رائعة عن الإنسان السعودي وطبيعته، وتوضح مقدار الخيرية التي يتمتع بها.

أما الرعاية الصحية التي يتم توفيرها في جميع مشاعر الحج، فهي توضح أيضا مقدار الحرص الذي تبديه القيادة السعودية لضمان سلامة الحجاج، حيث تستنفر الدولة كافة مقدراتها، وتسخّر الإمكانات الطبية الضخمة لخدمة ضيوف الرحمن،

هذه هي بلادنا التي نفتخر ونعتز بها ونباهي السحب وقمم الجبال فخرا بقيادتها الرشيدة؛ التي تضحي بكل مرتخص وغال في سبيل إراحة الحجيج، وتقديم كل ما يلزمهم من عون ومساعدة لأداء مناسكهم بسهولة ويسر، حتى يعودوا إلى بلادهم وألسنتهم تلهج بحمد الله الذي سهّل لهم أداء ركن الإسلام الأعظم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store