Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

الفطرة السوية في مواجهة الانحرافات الأخلاقية

A A
في خطبة الجمعة وفي الحرم المكي الشريف تحدث إمام الحرم المكي الشيخ الدكتور فيصل غزاوي عن أمر جلل وهو ما يحدث اليوم في العالم من التحريض على الانحراف الجنسي وتشريع الشذوذ الأخلاقي والجنسي بما يخالف الفطرة السوية التي تأبى هذا الفعل المشين لأنه انتكاس للفطرة واختلال للمفاهيم وحرب على الطهر والفضيلة. أولياء الشيطان اليوم تداعوا وتجمعوا لسن القوانين لتشريع زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة والتزاوج مع الحيوانات وكل أنواع الإباحية وجعلوه تطورًا وحضارة والأدهى والأمر أنهم اتخذوا موقفًا عدائيًا ممن أنكر ذلك وعدوه متخلفًا ومتطرفًا.

إن الله لا يرضى بالمجاهرة بالمعصية وماهو بيعيد عن من ينتهك حرماته، فما يحدث اليوم في هذا العالم المتردي اخلاقيًا وقيميًا يجعلنا نتوقف قليلاً للتأمل في الأحداث ونتساءل لماذا الآن كل هذه الحملات لتشريع الرذيلة بل والتحدي السافر لكل من يدافع ويلتزم بقيمه ومعتقداته وفطرته السليمة حتى من اتباع الأديان في كل الثقافات العالمية، لسنا وحدنا من نمتلك فطرة سوية، ما زال بين شعوب الأرض من يشاركنا هذه القيم لكنهم يحاربون في كل مكان، من فسدت ارواحهم وانهارت قيمهم الانسانية والحضارية لديهم غايات قد يكون بعضها ظاهرًا والآخر مخفيًا، فالانهيار الأخلاقي سيكون وبالا على الأسر التي تعد نواة المجتمعات فلن يكون هناك بيوت آمنة ولا مستقرة.

في يوم ما اجتمعت مع اصغر ابنائي للحديث عن هذا الموضوع وفي هذه الحالة أكون محلقة في اجواء حميمية مع ابني فلذة كبدي وهذا واجب كل أم وأب أن يتحدثوا بعقلانية ويفتحوا أبواب الحوار مع أولادهم وبناتهم حول قضية اليوم والتي سخرت لها كل وسائل الإعلام والمؤثرين وشركات الإعلانات والمؤسسات الإعلامية لتشريع حقوق لهؤلاء الشواذ، تابعت مقطعًا من أغنية تتحدى كل بيت وكل أسرة «نحن لا نريدكم أنتم نريد أبناءكم وأحفادكم سينضمون إلينا»، وبكل جراءة ووقاحة فكرية هدامة تدعو للشذوذ وبدون خوف ولا حسيب لهم.

في أحد وسائل التواصل الاجتماعي كان هناك حديث عن قصة البداية لهذا الفعل المشين والانحراف الأخلاقي في حياة قوم لوط استمعت له بمعية ابني ليدور النقاش حوله فاعلم جيدًا أن التوجيه المباشر والنصيحة العادية لا تجدي نفعًا مع جيل اليوم لنتحدث بلغتهم وعبر تطبيق التيك توك الأكثر ارتيادًا من الشباب كانت جلسة الحوار هذه وطلبت من ابني أن يستمع معي إلى قصة البداية على كوكب الأرض، كان هناك قوم لوط الذين عرف عنهم الكرم في ضيافة من يرتاد ديارهم حتى جاء يوم موعود وسوّل لهم الشيطان هذا الفعل المشين في صورة ناصح أمين يخشى عليهم الفقر والحاجة من كثرة زوارهم ومرتادي ديارهم حتى وصل بهم الحال إلى اعتياد الشذوذ الجنسي واتخذوه منهجًا لحياتهم وانتقل من الرجال إلى النساء يومًا بعد يوم، وعندما بعث الله فيهم نبيه لوط عليه السلام لدعوتهم للعودة إلى الفطرة السوية اعتبروه شاذًا بينهم ولأنه ينادي بالفطرة والطهر والعفاف فيما لم تعد تألفه نفوسهم المريضة حتى أوحى الله له بالخروج من أرضهم فهو الطاهر المطهر وهم من انقلبت موازينهم وغضب الله عليهم ولم ينزل الغضب والعقوبة فقط على من مارس هذا الفعل المشين بل أيضًا من ارتضاه منهم وقال هذا شأنهم وحريتهم كما فعلت زوجة لوط التي طالها العذاب لأنها أيدت قومها في فعلهم ولم تنكره وفي هذا درس عظيم.

قلت لابني: احذر يابني أن يخالج قلبك يومًا ما أن تقول هذا فعلهم وشأنهم ورأيهم ومسلكهم وحريتهم الشخصية.. فالإنجاز بالقلب أضعف الإيمان، لا تجعل في قلبك تعاطفاً معهم ولا تجد لهم مبرراً ولا تصاحبهم ولا تجلس في مجالسهم فالحذر منهم مطلب وغاية وحافظ على قيم العفاف والطهر والبعد عن مهاوي الرذيلة.

المقطع كانت فيه رسائل عظيمة تردد فيه على مسمعي كلمات لن أنساها قالت المذيعة: إن كانت قرية واحدة فعلت هذه الرذيلة فنزلت عليها عقوبة الله من السماء وجعل عاليها سافلها فكيف بمن ينادي اليوم بتشريعات للشواذ في كل انحاء الأرض وتحت كل سماء لنشر فسادهم الأخلاقي في كل بقاع الدنيا فاللهم سلم سلم.

اليوم نحن في العالم الإسلامي ومعنا حماة الفضيلة في كل الثقافات والحضارات الانسانية نحارب بكل ما أوتينا من قوة لنبذ هذا الفكر المتطرف والانحراف الأخلاقي والشذوذ الذي يخالف الفطرة السوية وقيادتنا الحكيمة دوماً تؤكد في كل المحافل الدولية بأن قيمنا لن تمس ولو اجتمع العالم كله من أجل تغيير فطرته فنحن سنبقى دعاة لكل خلق رفيع وقيمة سامية عفيفة شريفة.

* همسة أم: كونوا أكثر قرباً من أبنائكم وبناتكم احتضنوهم، كونوا لهم أصدقاء محبين محاورين، كونوا لهم الملاذ الآمن في زمن الفتن العظيمة، كونوا قلوباً محبة وآذاناً صاغية وأرواحًا دافئة تتلمس احتياجاتهم الروحية والعقلية والجسدية.. الحوار سبيلنا لسبر أغوار عقولهم وأفكارهم، ولغة العيون دوماً تنتصر، ودقات القلوب نستشعرها في بريق أعين من نحب ونحيا بهم ومعهم حتى لو كانوا بعيدين عنا جسديًا ولكن أرواحهم تظل تعانقنا وتبقى متصلة بهم مهما بعدت المسافات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store