كله حرام!!

جعل الله سبحانه وتعالى تحريم الخمر على أطوار، الطور الأول: أقرهم عليها ولم يمنعهم منها، وكانت الخمر عند العرب لها شأن كبير، ومن حكمته سبحانه وتعالى أن أخر تحريمها لأن كثيراً من الناس في بداية الدعوة لو حرمت ربما امتنع الناس من دخول الإسلام من أجلها.

فبدأ سبحانه بقوله: «وإثمهما أكبر من نفعهما»، ثم المرحلة الثانية بقوله تعالى: «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى»، ثم جاء التحريم في المرحلة الأخيرة في قوله تعالى: «رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه».. فمن حكمته سبحانه وتعالى أن أخر تحريمها حتى دخل الناس في الإسلام وعرفوه واطمأنوا إليه.

دعاني للكتابة رسالة وصلتني على الواتس من أخي الشيخ الدكتور محمد فايد إمام وخطيب المركز الإسلامي بلندن السكرتير العام لهيئة الفتوى، وأحد خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عن واحدة من المشاكل التي يقابلها البعض من المسلمين حديثي الدخول للإسلام من بعض الإخوة المسلمين المقيمين في الغرب، أترككم معها بدون تعليق.

قال فضيلته: «عندما يدخل شخص إلى الإسلام أخشى عليه من بعض الإخوة الذين احترفوا التنفير وأصبح سِمَتهم، حتى أصبحت أحذر كل من يدخل الإسلام من هذا الصنف من الناس.. ذات يوم وأنا في مركز (هارو) الإسلامي في غرب لندن، جاءني شخص اسمه (دانيال) قبل صلاة الجمعة بنصف ساعة تقريباً، وكان قد أشهر إسلامه في الجمعة التي قبلها.. وبعد أن رحبت به أخبرني بأنه أتى ليسلم عليّ ويشكرني ويخبرني بأن الإسلام لا يصلح له كدين.. تعجبت وسألته عن السبب فأخرج لي ورقة مكتوب عليها أنواع الممنوعات والمحرمات في الإسلام، فبمجرد دخوله الإسلام أصبح الكل يقول له: لا تفعل هذا، ولا تفعل هذا، ولا تفعل هذا، هذا حرام، وهذا حرام، وهذا حرام، وكأن هذا الدين العظيم ليس فيه شيء مباح بل كله حرام.

فأخذت منه الورقة وطلبت منه أن يؤجل استقالته من الدين الإسلامي حتى ننتهي من صلاة الجمعة.. صعدت إلى المنبر ومعي الورقة وقلت للناس:إن الأخ (دانيل) أشهر إسلامه الجمعة الماضية، ومنذ دخوله للإسلام أصبح كل المصلين في هذا المسجد مشايخ وأئمة، يحذرونه ويتفننون في إخباره بالممنوعات والمحرمات حتى نفروه.. والتفت إلى (دانيال) وقلت له: أردت أن أجيبك من فوق هذا المنبر وأمام هؤلاء الناس لأن كثيراً من الأمور التي كتبوها لك في هذه الورقة وحذروك منها نفعلها بمن فيهم الإمام، وأردت أن أذَكِرَ نفسي وأذْكّرَهُم وأسوق لك أيضاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصيته لأصحابه حين قال لهم: (يسروا ولا تعسروا ولا تنفروا).

فالحمد لله الذي ثبت بعد ذلك أخانا (دانيال) على الإسلام، ولكن ما يقع من البعض هنا -غفر الله لهم - ينفر الكثير من غير المسلمين من هذا الدين العظيم الذي جاء رحمة للعالمين».. انتهت رسالة فضيلة الشيخ محمد فايد.