Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

ما بين طرفة عين راح الحبيب الزين

A A
الحياة الزوجية لقاء بين قلبين محبين لبعضهما وهي صندوق من الأسرار مليء بالمواقف الإنسانية ومشحون بالعواطف القلبية، فما بين الرجل والمرأة (الزوجين) كم هائل من الود والرحمة ورحلة طويلة من المشاعر ذات النظرات والابتسامات والأفراح والأحزان، تمتليء فيها صفحات من الروايات والقصص والحكايات ويصدر عنها النبضات وتفيض منها البكاءات، وويل لقلب يعشق قلباً وويل لحب ينغمس في داخل حب ثم بعد ذلك أحد القلبين يغادر صاحبه ويودع ما لا يمكن أن يكون في الحسبان أن يودعه، فيعيش القلب الآخر دائماً يتذكره في حله وترحاله وفي يقظته ومنامه وهذا لعمري قليل من يتمثله أو يعرفه أو أن هناك من القلوب من تتفهمه وتطبقه، وصديقي من هذا النوع فمن يوم أن غادرت أم أولاده الدنيا وهو يتمثل الوفاء الإنساني لزوجته وقد عبر عن ذلك تلقائياً وبدون اي تكلف عندما لقيته على طاولة واحدة في إحدى المناسبات وأخذ يبث كيف كان حبه وغرامه لأم أولاده التي رحلت عنه وعبرت خلايا وجهه عن حالة شوقه واشتياقه وأشواقه، وكل ما أقف معه على حديث يقف بي مع موقف من أيام حياة زوجته التي قضى الله أن ترحل وتتركه يشق بقية حياته وحيداً إلى درجة أن قال ما بين طرفة عين راح الحبيب الزين.

وكم يأخذك تمجيده لها تمجيداً ليس له مثيل إلى أن تحس أنك تقرأ قصة حب بدون عنوان لأن حديثه من شغاف قلبه وتلافيف دماغه ويشرح وكلنا استماع لما يقول وكله كما يقول شيء بسيط من عطائها وفضلها عليه وعلى أولاده، ويحدثني ومن معي قلبه قبل لسانه، صحيح ليس هناك دموع نشاهدها أثناء حديثه لكننا نقرأها على وجنات حروفه وصفحات كلماته ويعج بها صدره ويبكي على فراقها أعضاؤه كلها حتى خلايا دمه الحمراء تنزف على جنبات حياته فيما مضى من أيام فازهرت قلبه وأسعدت أيامه وعاش معها في طرب زمني تناغمت معها روحه وتسامت فيها أنفاسه حتى غدا طائراً يحلق في سمائها يذكرها في كل وقت وحين في حياته، وبعد الفراق زادت أشجانه وهو يحدثنا عنها في لقائنا العابر وعن دعمه لها حتى حصولها على الدكتوراة ونشاطها وحيويتها في مجال تخصصها وعطائها المتميز في تربية أولاده، كل ذلك اختصره لنا في كلمات تجعلك تحس بأنه صاحب وفاء إنساني.

ويقول ناصحاً: احترموا زوجاتكم فإنهن نعم من الله عليكم وقد وصاكم بهن نبيكم عليه السلام في حجة الوداع وفي كل وقت وحين ولا تنسوا أن الله يسمع شكوى كل زوجة يظلمها زوجها (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير).

الحبيب الزين نعمة فاشكروا الله على النعمة وحافظوا عليها لأنه ما بين طرفة عين يمكن أن تفقد الحبيب الزين، والحبيب الزين يمكن أن يكون غير زوجتك.. أم أو أخت أو بنت أو أخ أو صديق أو جار أو زميل والفقد ليس بالموت فقط إنما بالبعد والابتعاد والمجافأة وأن يتركك ويرحل عنك فينهدم المبنى وتنقطع العلاقة وتتأثر النفوس بل قد تمرض وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store