Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

قصة أغنية (أغداً ألقاك)!!

A A
من أجمل قصائد الغزل، وأغنية من أعذب أغاني أم كلثوم، كتبها الشاعر السوداني الهادي آدم، ولحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب. الأغنية تصور قلق العاشق الذي يتراوح بين الشوق وهيبة اللقاء مع المعشوق.

أغداً القاك يا خوف فؤادي من غدٍ

يالشوقي واحتراقي في انتظار الموعد

كان الهادي آدم من جملة الشباب السودانيين الذين توجهوا إلى مصر لاستكمال تعليمهم أواخر أربعينيات القرن الماضي، وكان شاعراً فتياً ممهوراً برقة أهلنا في السودان وطيبة قلوبهم، معروفاً في وسطه شغوفاً بالكلمة، تخرَّج من دار العلوم في مصر، وحصل على إجازة في اللغة العربية وآدابها. أثناء إقامته في مصر أحب زميلته في الجامعة فتقدم لخطبتها، ولكن أهلها رفضوا تزويجها له لأنهم لا يريدون أن ترحل ابنتهم بعيداً عنهم.

ترك الشاعر المرهف قلبه في القاهرة وعاد إلى السودان ممتلئاً بالحزن، ليعمل في التدريس، وبعد مدة جاءته بشرى من الحبيبة؛ تخبره بأن أهلها وافقوا على الزواج، لم ينم الشاعر ليلتها متهيئاً للقاء حبيبته، وجلس يساهر الليل بانتظار الصباح، وانسكب قلمه يسترجع شوقه وحبه للقاء الغد، فكتب قصيدة بعنوان «الغد» أواخر عام 1948م، وبقيت قصيدته «الغد» غافية في ديوانه «كوخ الأشواق»، إلى أن لحنها الموسيقار عبدالوهاب بعد نكسة عام 1967م.

بعد النكسة بدأت أم كلثوم بإقامة حفلات يعود ريعها للمجهود الحربي؛ الذي كان جزءاً من مشروعها للم الشمل العربي، وكنوع من التكريم للعواصم العربية التي تذهب إليها، كانت تختار شاعراً من البلد وتغني إحدى قصائده، فغنت لجورج جرداك من لبنان «هذه ليلتي»، ولنزار قباني من سوريا «أصبح الآن عندي بندقية»، وبعد حفل كبير في السودان، استقبلت فيه السيدة بحفاوة عالية، قررت بعدها أن ترد جميلها لهذا الاستقبال الحافل لها من شعب السودان بأن تغني أغنية من كلمات شاعر سوداني، فكلفت الشاعر صالح جودة بمهمة ترشيح قصائد لشعراء سودانيين.

طاف صالح جودة في مكتبات القاهرة بحثاً عن أشعار الشعراء السودانيين، فتجمعت لديه سبعة دواوين لسبعة شعراء، درسها واختار من كل ديوان قصيدة تتوافر فيها الذائقة الغنائية، وقدم القصائد إلى أم كلثوم، كان من بين القصائد قصيدة «الغد» للهادي آدم.

قرأت أم كلثوم القصيدة، فأبدت إعجابها بها، وطلبت لقاء صاحب القصيدة، وبحضور الموسيقار عبدالوهاب، قرأ آدم القصيدة عدة مرات مع إجراء بعض التعديلات، وتم تغيير اسم القصيدة من «الغد» إلى «أغداً ألقاك»، حفظت القصيدة في الأدراج بسبب رحيل عبدالناصر وتعرض السيدة لوعكة صحية. رأت الأغنية النور في أيار 1971م، عندما صدحت بها أم كلثوم على مسرح قصر النيل. فرح الهادي بغناء السيدة لقصيدته، لدرجة أن أطلق على قصيدته اسم (المحظوظة). كانت هذه قصة الأغنية الجميلة والقصيدة الرائعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store