Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

«الطريق إلى مكة»

A A
الطريق إلى مكة.. هو عنوان كتاب لمُؤلِّفه "توم رودل"، صدر في أوائل التسعينيات الميلادية، وكان يطلق عليه "كتاب العام"، وهو من أفضل الكتب آنذاك التي ركزت على خمسة متطلبات للنجاح العملي والشخصي، وهذا يذكّرنا بكتاب: "العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية" لستيفن كوفي.

كلا الكتابين يشتركان في رسم الطريق إلى اتجاه جديد في الحياة، وهو اتجاه في السلوك ينبع من الداخل، وليس أمراً مادياً أو جغرافياً يتوقف المرء عنده، بل هي رحلة عُمرٍ تبدأ بروح شفافة ومتعة الإنجاز، وتحقيق الذات، والشعور بالرضا والسعادة.

كيف يحدث هذا، وكيف نتعايش مع حالات عشرات الآلاف حول العالم ممن يفتقدون وظائفهم كل يوم.. وهناك الملايين ممن يعانون البطالة والبحث البائس عن فرصة عمل، فكيف يعيش هؤلاء؟!.

السنوات التي كانت المجتمعات الإنسانية تنشد فيها الاستقرار قد ولّت، حيث كان الاستقرار هو القاعدة، والتغيير هو الاستثناء.

لقد كان معظم القوم يبذلون ما في وسعهم للوصول الى "المدينة الفاضلة"، ولكن مما يؤسف له أن رياح التغيير -كما سمَّاها أحمد الشامي في كتابه- قد هبّت، فأصابت المجتمعات كافة، وشملت المؤسسات والشركات الصغرى والكبرى، كما شملت البيت (الأسرة)، حتى أصبح البحث عن "المدينة الفاضلة" التي كان أغلب القوم ينشدها.. أقول: أصبح البحث عن هذه المدينة ضرباً من الخيال الذي لا وجود له في الواقع.

هي تجربة خاضها العديد من القوم، ولم يستيقظوا إلّا في وقت متأخر، بعد عيشهم على الإرث الثقافي والحضاري، ومقاومتهم لأي تغيير رغم هبوب رياح التغيير.

لقد استنبط المؤلف عنوان كتابه: "الطريق إلى مكة"، لمعرفته أن هناك قِبلةً يتوجه إليها الجميع من أحد الأديان العظيمة، لا سيما أولئك الذين يبحثون عن البُعد الرُّوحي، واعتبر الحياة رحلة إلى مكة، ذلك المكان الآمن الذي يتوجهون إليه في رحلة الحج كل عام، ولأن مكة أكثر مكان على وجه الأرض يحقق لهم الإشباع الروحي، فضلاً عمّا تحققه من إشباع نفسي وطمأنينة داخلية، فلا غرو في أن يجعل عنوان كتابه الشهير "الطريق إلى مكة".

على صعيد آخر يؤكد المؤلف في حواره عن التغيير والاستقرار؛ بأن معظم القوم يُفضّلون الاستقرار على التغيير، لكن التغيير سيستمر في التسارع، فارضاً المزيدَ من التأثير على حياة الناس. هذا التأثير سوف يلغي الطرق التقليدية المؤدية إلى تحقيق الذات، لتكون من نصيب الراغبين في اتخاذ قرارات رشيدة في الحياة تؤدي إلى خطة فعالة، يَلزمُ أن تكون مكتوبة ومرنة، عندها بوسعنا أن نقول إن الإرادة الفعالة للتغيير تحقق لدينا شعوراً بالاستقرار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store